كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار ابن ميادة ونسبه

صفحة 552 - الجزء 2

  سبّ رجل من قريش في أيام بني أميّة بعض ولد الحسن⁣(⁣١) بن عليّ @، فأغلظ له وهو ساكت، والناس يعجبون من صبره عليه، فلما أطال أقبل الحسنيّ⁣(⁣٢) عليه متمثّلا بقول ابن ميّادة:

  أظنّت سفاها من سفاهة رأيها ... أنّ اهجوها لمّا هجتني محارب

  فلا وأبيها إنّني بعشيرتي ... ونفسي عن ذاك المقام لراغب

  فقام القرشيّ خجلا وما ردّ عليه جوابا.

  / مدحه لجعفر بن سليمان وهو أمير على المدينة

  أخبرني أبو خليفة إجازة عن محمد بن سلَّام قال:

  مدح ابن ميّادة جعفر بن سليمان وهو على المدينة، فأخبرني مسمع بن عبد الملك أنه قام له بحاجته عند جعفر وأوصلها إليه. قال فقال [له]⁣(⁣٣): جزاك اللَّه خيرا! ممّن أنت رحمك اللَّه؟ قلت: أحد بني مسمع؛ قال: ممّن؟ قلت: من قيس بن ثعلبة؛ قال: ممّن؟ عافاك اللَّه! قلت: من بكر بن وائل؛ قال: واللَّه لو كنت سمعت ببكر بن وائل قط⁣(⁣٤) أو عرفتهم⁣(⁣٥) لمدحتك، ولكني ما سمعت ببكر قطَّ ولا عرفتهم، ثم مدح جعفرا فقال:

  لعمرك ما سيوف بني عليّ ... بنابية الظَّباة⁣(⁣٦) ولا كلال⁣(⁣٧)

  هم القوم الألى ورثوا أباهم ... تراث محمّد غير انتحال

  وهم تركوا المقال لهم رفيعا ... وما تركوا عليهم من مقال

  حذوتم قومكم ما قد حذوتم⁣(⁣٨) ... كما يحذى المثال على المثال

  فردّوا في جراحكم أساكم⁣(⁣٩) ... فقد أبلغتم مرّ النّكال

  يشير عليه بالعفو عن بني أميّة ويذكَّره بأرحامهم.

  / أخبرنا بهذا الخبر يحيى بن عليّ عن سليمان المديني عن محمد بن سلَّام، قال يحيى قال أبو الحارث المرّيّ فيما ذكره إسحاق من / أخباره:


(١) في ح: «الحسين».

(٢) في ح: «الحسيني».

(٣) الزيادة عن أ، م.

(٤) كذا في جميع الأصول، والمعروف أن قط تختصّ بالنفي، وقد جاءت بعد المثبت في مواضع من «الجامع الصحيح» للإمام البخاريّ، منها: «الكسوف أطول صلاة صليتها قط» وفي «سنن أبي داود»: «توضأ ثلاثا قط» وأثبته ابن مالك في «الشواهد» لغة وحقق بحثه في التوضيح على مشكلات «الجامع الصحيح»، قال: وهي مما خفي على كثير من النحاة (انظر «القاموس» وشرحه «» تاج العروس «في مادة» قطط.

(٥) كذا في ح، أ. وباقي النسخ: «وعرفتهم».

(٦) الظباة: جمع ظبة وهي حدّ السيف والسنان والنصل.

(٧) قال ابن سيده: يجوز أن يكون جمع كال كجائع وجياع ونائم ونيام أو جمع كليل كشديد وشداد وحديد وحداد.

(٨) في ح. أ. م، ط: «ما قد حذوكم».

(٩) الأسى: المداواة والعلاج.