أخبار ابن ميادة ونسبه
  سبّ رجل من قريش في أيام بني أميّة بعض ولد الحسن(١) بن عليّ @، فأغلظ له وهو ساكت، والناس يعجبون من صبره عليه، فلما أطال أقبل الحسنيّ(٢) عليه متمثّلا بقول ابن ميّادة:
  أظنّت سفاها من سفاهة رأيها ... أنّ اهجوها لمّا هجتني محارب
  فلا وأبيها إنّني بعشيرتي ... ونفسي عن ذاك المقام لراغب
  فقام القرشيّ خجلا وما ردّ عليه جوابا.
  / مدحه لجعفر بن سليمان وهو أمير على المدينة
  أخبرني أبو خليفة إجازة عن محمد بن سلَّام قال:
  مدح ابن ميّادة جعفر بن سليمان وهو على المدينة، فأخبرني مسمع بن عبد الملك أنه قام له بحاجته عند جعفر وأوصلها إليه. قال فقال [له](٣): جزاك اللَّه خيرا! ممّن أنت رحمك اللَّه؟ قلت: أحد بني مسمع؛ قال: ممّن؟ قلت: من قيس بن ثعلبة؛ قال: ممّن؟ عافاك اللَّه! قلت: من بكر بن وائل؛ قال: واللَّه لو كنت سمعت ببكر بن وائل قط(٤) أو عرفتهم(٥) لمدحتك، ولكني ما سمعت ببكر قطَّ ولا عرفتهم، ثم مدح جعفرا فقال:
  لعمرك ما سيوف بني عليّ ... بنابية الظَّباة(٦) ولا كلال(٧)
  هم القوم الألى ورثوا أباهم ... تراث محمّد غير انتحال
  وهم تركوا المقال لهم رفيعا ... وما تركوا عليهم من مقال
  حذوتم قومكم ما قد حذوتم(٨) ... كما يحذى المثال على المثال
  فردّوا في جراحكم أساكم(٩) ... فقد أبلغتم مرّ النّكال
  يشير عليه بالعفو عن بني أميّة ويذكَّره بأرحامهم.
  / أخبرنا بهذا الخبر يحيى بن عليّ عن سليمان المديني عن محمد بن سلَّام، قال يحيى قال أبو الحارث المرّيّ فيما ذكره إسحاق من / أخباره:
(١) في ح: «الحسين».
(٢) في ح: «الحسيني».
(٣) الزيادة عن أ، م.
(٤) كذا في جميع الأصول، والمعروف أن قط تختصّ بالنفي، وقد جاءت بعد المثبت في مواضع من «الجامع الصحيح» للإمام البخاريّ، منها: «الكسوف أطول صلاة صليتها قط» وفي «سنن أبي داود»: «توضأ ثلاثا قط» وأثبته ابن مالك في «الشواهد» لغة وحقق بحثه في التوضيح على مشكلات «الجامع الصحيح»، قال: وهي مما خفي على كثير من النحاة (انظر «القاموس» وشرحه «» تاج العروس «في مادة» قطط.
(٥) كذا في ح، أ. وباقي النسخ: «وعرفتهم».
(٦) الظباة: جمع ظبة وهي حدّ السيف والسنان والنصل.
(٧) قال ابن سيده: يجوز أن يكون جمع كال كجائع وجياع ونائم ونيام أو جمع كليل كشديد وشداد وحديد وحداد.
(٨) في ح. أ. م، ط: «ما قد حذوكم».
(٩) الأسى: المداواة والعلاج.