كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار ابن ميادة ونسبه

صفحة 553 - الجزء 2

  قال جعفر بن سليمان لابن ميّادة: أتحبّ أن أعطيك مثل ما أعطاك ابن عمّك رياح⁣(⁣١) بن عثمان؟ فقال: لا، أيّها الأمير، ولكن أعطني كما أعطاني ابن عمّك الوليد بن يزيد.

  قال يحيى وأخبرنا حماد عن أبيه عن أبي الحارث قال قال جعفر بن سليمان لابن ميّادة: أأنت الذي تقول:

  بني أسد أن تغضوا ثمّ تغضبوا ... وتغضب قريش تحم قيسا غضابها

  قال: لا واللَّه! ما هكذا قلت؛ قال: فكيف قلت؟ قال: قلت:

  بني أسد إن تغضبوا ثمّ تغضبوا ... وتعدل قريش تحم قيسا غضابها

  هجا بني أسد وبني تميم

  قال: صدقت هكذا قلت. وهذه القصيدة يهجو بها ابن ميّادة بني أسد وبني تميم، وفيها يقول بعد هذا البيت الذي ذكره له جعفر بن سليمان:

  وأحقر محقور تميم أخوكم ... وإن غضبت يربوعها⁣(⁣٢) وربابها⁣(⁣٣)

  / ألا ما أبالي أن تخندف⁣(⁣٤) خندف ... ولست أبالي أن يطنّ⁣(⁣٥) ذبابها

  ولو أنّ قيسا قيس عيلان أقسمت ... على الشمس لم يطلع عليكم حجابها

  ولو حاربتنا الجنّ لم نرفع القنا ... عن الجنّ حتى لا تهرّ كلابها

  لنا الملك إلَّا أنّ شيئا تعدّه ... قريش ولو شئنا لذلَّت رقابها

  وإن غضبت من ذا قريش فقل لها ... معاذ الإله أن أكون أهابها

  وإن لقوّال الجواب وإنني ... لمفتجر⁣(⁣٦) أشياء يعيي⁣(⁣٧) جوابها

  إذا غضبت قيس عليك تقاصرت ... يداك وفات الرّجل منك ركابها


(١) كذا في أ: «رياح» بالياء المثناة وهو الموافق لما كتبه الأستاذ الشنقيطي بهامش نسخته طبع بولاق تصحيحا لها. وفي أغلب النسخ: «رماح» بالميم.

(٢) يربوع بن حنظلة بن مالك بن عمرو بن تميم أبو حيّ من تميم منهم متمم بن نويرة اليربوعيّ الصحابيّ. ويربوع بن غيظ بن مرّة أبو بطن من مرّة بن عوف بن سعد بن ذبيان، منهم الحارث بن ظالم المرّيّ اليربوعيّ، نقله الجوهريّ.

(٣) الرباب: قبائل، قال أبو عبيد: سموا بذلك لأنهم جاؤوا برب فأكلوا منه وغمسوا فيه أيديهم وتحالفوا عليه وهم تيم وعديّ وعكل، وقريب منه قول الأصمعيّ وقال ثعلب: سموا ربابا لأنهم تربّبو أي تجمعوا ربة ربة وهم خمس قبائل تجمعوا فصاروا يدا واحدة وهم: ضبة وثور وعكل وتيم وعديّ. وقد قيل أيضا عكس ذلك وهو أنهم سموا بذلك لتفرقهم لأن الربة الفرقة ولذلك إذا نسبت الرباب قلت ربي بالضم ترده إلى واحدة. (انظر «لسان العرب» مادة ربب).

(٤) تخندف: تهرول، يقال: خندف الرجل إذا هرول ومشى بسرعة.

(٥) يطنّ: يصوّت.

(٦) كذا في نسخة م، يقال: افتجر الكلام إذا اخترقه من غير أن يسمعه فيتعلمه. وفي باقي النسخ: «لمفتخر» وهي تتعدّى بالباء، ولذلك رجحنا ما جاء بنسخة م.

(٧) كذا في ب، ح. وفي ط، ء: «يعيا». وفي أ: «يعمى». وفي م: «يعصى».