كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار خالد بن عبد الله

صفحة 281 - الجزء 22

  فأنف من ذلك، فيقال: إنه ختن أمه وهي كارهة، فعيّره الأعشى بذلك حين يقوله -:

  /

  لعمرك ما أدري وإني لسائل ... أبظراء أم مختونة أمّ خالد

  فإن كانت الموسى جرت فوق بظرها ... فما ختنت إلا ومصّان قاعد⁣(⁣١)

  يرى سوأة من حيث أطلع رأسه ... تمرّ عليها مرهفات الحدائد

  وقال أيضا فيه، يرميه بالَّلواط:

  ألم تر خالدا يختار ميما ... ويترك في النّكاح مشقّ صاد⁣(⁣٢)

  ويبغض كلّ آنسة لعوب ... وينكح كلّ عبد مستقاد⁣(⁣٣)

  ألا لعن الإله بني كريز ... فكرز من خنازير السواد⁣(⁣٤)

  يكره مضر، ويسب علي بن أبي طالب

  قال المدائني في خبره: وأخبرني ابن شهاب بن عبد اللَّه قال: قال لي خالد بن عبد اللَّه القسري:

  اكتب لي النسب فبدأت بنسب مضر فمكثت فيه أياما، ثم أتيته. فقال: ما صنعت؟ فقلت: بدأت بنسب مضر وما أتممته. فقال: اقطعه - قطعه اللَّه مع أصولهم - واكتب لي السيرة، فقلت له: فإنه يمّر بي الشيء من سير علي بن أبي طالب ~ فأذكره، فقال: لا، إلا أن تراه في قعر الجحيم⁣(⁣٥). لعن اللَّه خالدا ومن ولاه، وقبحهم، وصلوات اللَّه على أمير المؤمنين⁣(⁣٦):

  من مظاهر زندقته وانحرافه

  وقال أبو عبيدة: حدثني أبو الهذيل العلَّاف، قال:

  صعد خالد القسري المنبر، فقال: إلى كم يغلب باطلنا حقّكم، أما آن لربكم أن يغضب لكم؟ وكان زنديقا، أمه نصرانية، فكان يولَّي النصارى والمجوس على المسلمين، ويأمرهم بامتهانهم وضربهم، وكان أهل الذمة يشترون الجواري المسلمات ويطئونهن، فيطلق لهم ذلك، ولا يغيّر⁣(⁣٧) عليهم.


(١) مصان: يقال للرجل: يا مصان، وللمرأة يا مصانة، مرادا بكل منهما أنه يمص بظر أمه، وعلى هذه الرواية يكون ثمة إقواء في البيت الثاني، ورواية هد:

«فما ختنت الا بمصان قاعد»

وهي رواية سليمة تضع عن البيت وزر الإقواء، وعلى كل فالمراد بالمصان هنا خالد نفسه بدليل قوله في البيت التالي

«يرى سوأة من حيث أطلع رأسه»

يريد الأعشى أن الحجام حين استأصل بظر أم خالد كان خالد يراقب عملية استئصال ذلك البظر الذي كان يمصه، ويرى السوأة التي أطلعت رأسه يوم ولادته.

(٢) يكنى بالميم عن الاست، لأن حلقتها مستديرة، وبالصاد عن فرج المرأة لأن حلقته مستطيلة وفي هج: «ويكره» بدل «ويترك».

(٣) مستقاد: تابع مقود، وفي الأصل «مستفاد» وهو تصحيف، والمثبت من هج.

(٤) كريز: تصغير كرز جد خالد، والسواد، اسم يطلق على العراق.

(٥) يريد ألا يذكر شيئا عنه إلا أن يراه في قعر الجحيم، فيذكر ذلك.

(٦) لعن اللَّه ... الخ من كلام أبي الفرج، ويبدو فيه تشيعه، ولعل لهذا التشيع أثرا في تلك الحملة الشعواء التي شنها على خالد بن عبد اللَّه القسري.

(٧) كذا بالأصل، ولعل أصل العبارة «ولا يغيره عليهم» أو «ولا يغار عليهن».