أخبار خالد بن عبد الله
  خرجت لهم تمشي البراح ولم تكن ... كمن حصنه فيه الرّتاج المضبّب(١)
  وما خالد يستطعم الماء فاغرا ... بعدلك والداعي إلى الموت ينعب(٢)
  أولى كذبات ابن الكلبي
  وقال ابن الكلبي: أول كذبة كذبتها في النسب أن خالد بن عبد اللَّه سألني عن جدته أم كرز، وكانت أمة بغيّا لبني أسد يقال لها: زرنب. فقلت له: هي زينب بنت عرعرة بن جذيمة بن نصر بن قعين، فسرّ بذلك، ووصلني.
  بنو أسد ينكرونه
  : قال: قال خالد ذات يوم لمحمد بن منظور الأسدي: يا أبا الصباح، قد ولدتمونا، فقال: ما أعرف فينا ولادة لكم، وإن هذا لكذب. فقيل له: لو أقررت للأمير بولادة ما ضرّك، قال: أأفسد وأستنبط(٣) ما ليس مني، وأقرّ بالكذب / على قومي؟ فأمر خالد خداشا الكنديّ - وكان عامله - بضرب مولى لعبّاد بن إياس الأسدّي، فقتله، فرفع إلى خالد، فلم يقده، فوثب عبّاد على خداش فقتله، وقال:
  لعمري لئن جارت قضية خالد ... عن القصد ما جارت سيوف بني نصر
  يتطاول على السماء
  فأخبرني الحسن بن عليّ قال: حدثنا أحمد بن الحارث، قال: حدثنا المدائني، عن سحيم بن حصين قال:
  قتل خداش الكنديّ رجلا من بني أسد، وكان الكنديّ عاملا لخالد القسري، فطولب بالقود، وهو على دهلك /(٤)، فقال: واللَّه لئن أقدت من عاملي لأقيدنّ من نفسي، ولئن أقدت من نفسي ليقيدن أمير المؤمنين من نفسه، ولئن أقاد أمير المؤمنين من نفسه، ليقيدنّ رسول اللَّه ﷺ من نفسه ولئن أقاد رسول اللَّه من نفسه هاه هاه!(٥) يعرّض باللَّه ø، لعنة اللَّه على خالد.
  أمه نصرانية بظراء
  أخبرني الحسن: قال: حدثنا الخراز، عن المدائني، عن عيسى بن يزيد وابن جعدبة وأبي اليقظان، قالوا:
  كانت أم خالد رومية نصرانية، فبنى لها كنيسة في ظهر قبلة المسجد الجامع بالكوفة، فكان إذا أراد المؤذن في المسجد أن يؤذن ضرب لها بالناقوس، وإذا قام الخطيب على المنبر رفع النصارى أصواتهم بقراءتهم.
  أعشى همدان يفحش في هجائه
  فقال أعشى همدان يهجوه، ويعيّره بأمه - وكان الناس بالكوفة إذا ذكروه في ذلك الوقت قالوا: ابن البظراء،
(١) البراح: البين الواضح، فهو مفعول مطلق، أي تمشي المشي البراح. والرتاج المضبب: غلق الباب المصنوع من الحديد، يريد أنه خرج لأعدائه سافرا، ولم يتحصن بحصن مغلق.
(٢) العدل - بكسر العين - المعادل، يقول له؛ لم تكن كخالد حين استطعم الماء عندما سمع بنبأ الإغارة عليه.
(٣) في هد، هج «وأستليط من ليس مني» بدل «وأستنبط» وهي رواية أدق، واستلاطه: ادعى بنوته زورا.
(٤) الدهلك: جزيرة بين اليمن وأرض الحبشة، أو واحد الدهالك: آكام سوداء معروفة بجزيرة العرب، وليس كلا المعنيين مناسبا هنا، ورواية هد، هج، وهو على «المنبر» بدل «الدهلك».
(٥) هاه هاه: حكاية لضحك الضاحك.