كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار ربيعة بن مقروم ونسبه

صفحة 338 - الجزء 22

  لمّا تشكَّت إليّ الأين قلت لها: ... لا تستريحنّ ما لم ألق مسعودا⁣(⁣١)

  ما لم ألاق أمرأ جزلا مواهبه ... رحب الفناء كريم الفعل محمودا

  وقد سمعت بقوم يحمدون فلم ... أسمع بمثلك لا حلما ولا جودا⁣(⁣٢)

  / ولا عفافا ولا صبرا لنائبة ... ولا أخبّر عنك الباطل السّيدا⁣(⁣٣)

  السّيد: قبيل الممدوح من آل ضبة.

  لا حلمك الحلم موجود عليه، ولا ... يلفى عطاؤك في الأقوام منكودا⁣(⁣٤)

  وقد سبقت لغايات الجواد وقد ... أشبهت آباءك الشّمّ الصناديدا

  / هذا ثنائي بما أوليت من حسن ... لا زلت برّا قرير العين محسودا⁣(⁣٥)

  يتقاضى دينه بشعر فيقضى

  قال أبو عمرو: كان لضابئ بن الحارث البرجميّ، على عجرد بن عبد عمرو دين بايعه به نعما، واستخار اللَّه في ذلك، وبايعه ربيعة بن مقروم، ولم يستخر اللَّه تعالى، ثم خافه ضابئ فاستجار بربيعة بن مقروم في مطالبته إياه، فضمن له جواره، فوفّى عجرد لضابئ، ولم يف لربيعة، فقال ربيعة:

  أعجرد إني من أمانيّ باطل ... وقول غدا شيخ لذاك سؤوم⁣(⁣٦)

  وإنّ اختلافي نصف حول محرّم ... إليكم بني هند عليّ عظيم⁣(⁣٧)

  فلا أعرفنّي بعد حول محرّم ... وقول خلا يشكونني فألوم⁣(⁣٨)

  ويلتمسوا ودّي وعطفي بعد ما ... تناشد قولي وائل وتميم⁣(⁣٩)

  / وإن لم يكن إلا اختلافي إليكم ... فإني امرؤ عرضى عليّ كريم

  فلا تفسدوا ما كان بيني وبينكم ... بني قطن إنّ المليم مليم⁣(⁣١٠)

  فاجتمعت عشيرة عجرد عليه، وأخذوه بإعطاء ربيعة ماله، فأعطاه إياه.


(١) الأين: التعب والنصب، وفي «المختار»: «لا تستريحين» بلا النافية بدل لا الناهية مع التوكيد كما في ب.

(٢) في ب: «بحلمك» بدل «بمثلك» والمثبت من هد، هج، وهو الصواب.

(٣) الباطل: مفعول ثان لأخبر، والسيد: مفعول أول متأخر.

(٤) موجود عليه: من الوجد بمعنى الغيظ والاضطغان.

(٥) «المختار»، هد، هج: «لا زلت عوض» بدل «لا زلت برا» وعوض: ظرف زمان بمعنى أبدا.

(٦) شيخ: خبر إني: يريد أنه يسأم التسويف والأماني الباطلة.

(٧) أضافة السنة إلى أول شهورها فقال: «نصف حول محرم» يقول: لقد ترددت عليكم نصف عام في طلب ديني، وهذا كثير.

(٨) يشكونني: مضارع أشكاه: أزال أسباب شكواه، يقول: لا يكن منهم أنهم ينصفونني، ويردون إلى ديني بعد مرور عام، وبعد أن سار شعري فيهم، فألوم نفسي على ما قلت.

(٩) هذا البيت تتمة ما قبله، أي وحينئذ يلتمسون ودي بعد أن ذهب شعري فيهم مذهب الأمثال، وحذفت نون «ويلتمسوا» بعد واو المعية الواقعة بعد النهي في البيت السابق «لا أعرفني».

(١٠) المليم: من أتى عملا يستحق عليه اللوم، يريد أن يقول: إن المذنب هو المذنب، فلا يلق المذنب التبعة على سواه.