أخبار حنين الحيري ونسبه
  بياضا أم بغلته أم ثيابه؛ فقال: أين بيت أبي موسى؟ فأشرنا له إلى الحائط؛ فمضى حتى انتهى إلى الظلّ من بيت أبي موسى، ثم استقبلنا ببغلته ووجهه ثم اندفع يغنّي:
  صوت
  أسعديني بدمعة أسراب(١) ... من دموع كثيرة التّسكاب
  إنّ أهل الحصاب(٢) قد تركوني ... مغرما مولعا بأهل الحصاب
  فارقوني وقد علمت يقينا ... ما لمن ذاق ميتة من إياب
  سكنوا الجزع جزع بيت أبي مو ... سى إلى النخل من صفيّ السّباب(٣)
  كم بذاك الحجون من حيّ صدق ... وكهول أعفّة وشباب
  أهل بيت تتايعوا(٤) للمنايا ... ما على الموت بعد هم من عتاب
  فلي الويل بعدهم وعليهم ... صرت فردا وملَّني أصحابي
  - الشعر لكثير بن كثير(٥) بن المطَّلب بن أبي وداعة السّهميّ. والغناء لمعبد ثقيل أوّل بالسّبابة في مجرى الوسطى. وفيه لابن أبي دباكل(٦) الخزاعيّ ثاني ثقيل بالوسطى عن ابن خرداذبة(٧) - قال: ثم صرف الرجل بغلته وذهب، فتبعناه حتى أدركناه، فسألناه من هو، فقال: أنا حنين بن بلوع وأنا رجل جمّال أكري الإبل ثم مضى.
  / خاف أن يفوقه ابن محرز بالعراق فردّه عنه
  أخبرني الحسين بن يحيى قال قال حمّاد على أبي عن المدائنيّ، قال:
  كان حنين غلاما يحمل الفاكهة بالحيرة، وكان لطيفا في عمل التحيّات(٨)، فكان إذا حمل الرياحين إلى بيوت
(١) أسراب: جمع سرب، والسرب: الماء السائل.
(٢) الحصاب (بكسر الحاء): موضع رمي الجمار بمنى.
(٣) صفي السباب: موضع بمكة، وقال الزبير: إنه ماء بين دار سعيد الجرشيّ التي تناوح بيوت أبي القاسم بن عبد الواحد التي في أصلها المسجد الذي صلى عنده أمير المؤمنين أبي جعفر المنصور. والمراد بأبي موسى أبو موسى الأشعريّ (انظر «معجم البلدان» لياقوت).
(٤) كذا في س. وفي سائر النسخ: «تتابعوا» بالباء، قال في «لسان العرب»: التتايع: الوقوع في الشرّ من غير فكرة ولا روية والمتابعة عليه ولا يكون في الخير، وقيل: التتايع في الشر كالتتايع في الخير.
(٥) في ب، ح: «كثير بن أبي كثير» وهو تحريف والصواب ما أثبتناه تبعا لأغلب النسخ، وقد ورد ذكره في الجزء الأوّل من «لأغاني» طبع دار الكتب ص ٢٤٦ (انظر الحاشية رقم ٧ في هذه الصفحة من هذا الجزء).
(٦) انظر الحاشية رقم ١ ص ٣٢١ من الجزء الأوّل طبع دار الكتب.
(٧) ورد هذا الاسم بالباء الموحدة في «قاموس الأعلام التركي» لشمس الدين سامي بك ج ١ ص ٢٦٠ وفي خطبة كتابه «المسالك والممالك»، والصفحة الأولى من كتاب «تقويم البلدان» لأبي الفدا إسماعيل و «معجم البلدان» لياقوت ج ١ ص ٧ ج ٤ ص ٩٥ و ٦٠٢. وكتب الشيخ نصر الهوريني على هامش صفحة ١٦٢ ج ١ من كتاب «الخطط» للمقريزيّ طبع بولاق ما يأتي: خرذاذبه «بالخاء المعجمة والذال الثانية معجمة والهاء، وآخره باء موحدة، هكذا في» تقويم البلدان «للمؤيد أبي الفدا إسماعيل في كتابه، كذا في النسخة المطبوعة بفرنسا. ثم قال: وضبطه بضم الخاء المعجمة وكسر الذال المعجمة بعدها تحتيّة ساكنة، وضبطه بالياء الموحدة فانظره» ونحن أثبتناه فيما سبق بالياء المثنّاة اعتمادا على وروده في «القاموس» كذلك في مادة «روم» وعلى ضبط شارحه السيد مرتضى حيث قال: «بضم الخاء وسكون الراء وفتح الدال بعدها ألف وكسر الذال المعجمة وسكون الياء التحتية وآخره هاء».
(٨) التحيات: جمع تحية وهي ما يحيا به من نحو السلام، ومن المحتمل أن يراد منه ما يقدّم عند التحية من باقات الرياحين، وقد كان