كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب جواس وخبره في هذا الشعر

صفحة 375 - الجزء 22

  جواس بن القعطل يحدو ركاب مروان

  ثم قال لجوّاس بن القعطل - ويقال بل القصة كلها مع جواس بن قطبة -: انزل فارجز بنا، فنزل فقال هذه الأبيات:

  يقول أميري: هل تسوق ركابنا ... فقلت: اتّخذ حاد لهن سوائيا⁣(⁣١)

  تكرمت عن سوق المطيّ ولم يكن ... سياق المطايا همّتي ورجائيا

  / جعلت أبي رهنا وعرضي سادرا ... إلى أهل بيت لم يكونوا كفائيا⁣(⁣٢)

  إلى شرّ بيت من قضاعة منصبا ... وفي شرّ قوم منهم قد بداليا

  فقال له: اركب لا ركبت.

  عود إلى الصوت وخبر ابن مجزز

  والأبيات التي فيها الغناء يرثي بها جوّاس بن قطبة العذريّ علقمة بن مجزّز قال أبو عمرو الشيبانيّ: وكان عمر ابن الخطاب ¥ بعث علقمة بن مجزز الكنانيّ ثم المدلجيّ في جيش إلى الحبشة، وكانوا لا يشربون قطرة من ماء إلا بإذن الملك، وإلا قوتلوا عليه، فنزل الجيش على ماء قد ألقت لهم فيه الحبشة سمّا، فوردوه مغترين⁣(⁣٣)، فشربوا منه، فماتوا عن آخرهم، وكانوا قد أكلوا هناك تمرا، فنبت ذلك النوّى الذي ألقوه نخلا في بلاد الحبشة، وكان يقال له نخل ابن مجزز، فأراد عمر أن يجهزّ إليهم جيشا عظيما فشهد عنده أن رسول اللَّه قال: اتركوا الحبشة ما تركوكم، وقال: وددت لو أن بيني وبينهم بحرا⁣(⁣٤) من نار، فقال جوّاس العذري يرثي علقمة ابن مجزز:

  إنّ السّلام وحسن كلّ تحية ... تغدو على ابن مجزّز وتروح

  فإذا تجرّد حافراك وأصبحت ... في الفجر نائحة عليك تنوح⁣(⁣٥)

  وتخيّروا لك من جياد ثيابهم ... كفنا عليك من البياض يلوح

  / فهناك لا تغني مودّة ناصح ... حذرا عليك إذا يسدّ ضريح

  / هلا فدى ابن مجزز متفحّش ... شنج اليدين على العطاء شحيح

  متمرّع ورع وليس بماجد ... متملَّح وحديثه مقبوح⁣(⁣٦)

  وفيمن هلك مع ابن مجزز يقول جوّاس:


(١) كان القياس «اتخذ حاديا» ولكنه أجراها مجرى «ولو أن واش باليمامة داره» للضرورة.

(٢) الرهن - بكسر الراء - من قولهم: هو رهن مال ونحوه، أي سائس.

(٣) لعلها «معترين» بالعين المهملة، لا مغترين بالغين المعجمة، من اعترار الفقر والحاجة، أو التعرض للمعروف دون سؤال.

(٤) في هد: «جبلا».

(٥) لعل المراد: تجرد حافرا قبرك: تخففا من ثيابهما استعدادا للحفر.

(٦) متمرع ... الخ: صفات «لمتفحش» في البيت السابق، والمتمرع: طالب المرع: الخصب، يريد أنه جشع، ورع: جبان، متملح:

يتكلف الملاحة، وفي هج: «وحديثه مملوح» بدل «مقبوح» كأنه يريد أن حديثه ملح لا عذب.