أخبار إبراهيم بن المدبر
  /
  يا رحمة للعالمي ... ن ويا ضياء المستنير
  يا حجة اللَّه الَّتي ... ظهرت له بهدى ونور
  للَّه أنت فما نشا ... هد منك من كرم وخير
  حتى نقول ومن(١) بقر ... بك من وليّ أو نصير
  البدر ينطق بيننا ... أم جعفر فوق السرير!
  فإذا تواترت العظا ... ثم كنت منقطع النّظير
  وإذا تعذّرت(٢) العطا ... يا كنت فيّاض البحور
  تمضي الصواب بلا وزي ... ر أو ظهير(٣) أو مشير
  فقال المتوكل للفتح: إن إبراهيم لينطق عن نية خالصة، وودّ محض، وما قضينا حقّه، فتقدم بأن يحمل إليه الساعة خمسون ألف درهم، وتقدم إلى عبيد اللَّه بن يحيى بأن يولَّييه عملا سريّا(٤) ينتفع به.
  المتوكل ينتقض عليه ويودعه السجن
  حدثني عمّي قال: حدثني محمد بن داود بن الجرّاح قال:
  كان أحمد بن المدبّر ولي لعبيد اللَّه بن يحيى بن خاقان عملا، فلم يحمد أثره فيه، وعمل على أن ينكبه. وبلغ أحمد ذلك فهرب، وكان عبيد اللَّه منحرفا عن إبراهيم، شديد النّفاسة(٥) عليه برأي المتوكل فيه، فأغراه به، وعرّفه خبر أخيه، وأدّعى عليه مالا جليلا، وذكر أنه عند إبراهيم أخيه، وأوغر صدره عليه حتى أذن له في حبسه، فقال وهو محبوس:
  تسلي ليس طول الحبس عارا(٦) ... وفيه لنا من اللَّه اختيار
  فلو لا الحبس ما بلي اصطبار ... ولولا الليل ما عرف النهار
  وما الأيام إلا معقبات(٧) ... ولا السلطان إلا مستعار
  وعن قدر حبست فلا نقيض ... وفيما قدّر اللَّه الخيار(٨)
  سيفرج ما ترين إلى قليل ... مقدره وإن طال الإسار
  ولإبراهيم في حبسه أشعار كثيرة حسان مختارة، منها قوله في قصيدة أولها:
(١) من معطوفة على ضمير «نقول» بلا فاصل، وذلك رأي مرجوح.
(٢) في ج: «تغورت».
(٣) ظهير: معين.
(٤) في ج، هج: «سنيا»، يعني شريفا.
(٥) النفاسة: مصدر نفست عليه الشيء إذا ضننت به، ولم تحب أن يصل إليه.
(٦) في هج:
«تسل فليس طول الحبس عار»
على التصريح وجعل عار اسم ليس مؤخرا.
(٧) معقبات: يعقب بعضها بعضا بالخير والشر أو بالنور والظلام.
(٨) البيت زيادة في ج، وفي هد: «حبست فلا تراعى».