أخبار إبراهيم بن المدبر
  أدموعها أم لؤلؤ متناثر ... يندى به ورد جنيّ ناضر
  يقول فيها:
  لا تؤيسنّك من كريم نبوة ... فالسيف ينبو وهو عضب باتر(١)
  هذا الزمان تسومني أيامه ... خسفا(٢) وهأنذا عليه صابر
  / إن طال ليلى في الأسار فطالما ... أفنيت دهرا ليله متقاصر
  والحبس يحجبني وفي أكنافه ... منّي على الضرّاء ليث خادر(٣)
  عجبا له كيف التقت أبوابه ... والجود فيه والغمام الباكر؟(٤)
  هلا تقطَّع أو تصدّع أو وهى ... فعذرته؛ لكنّه بي فاخر
  ومنها قوله في قصيدة أولها:
  ألا طرقت سلمى لدى وقعة السّاري ... فريدا وحيدا موثقا نازح الدار(٥)
  هو الحبس ما فيه عليّ غضاضة ... وهل كان في حبس الخليفة من عار!
  يقول فيها:
  ألست ترين الخمر يظهر حسنها ... وبهجتها بالحبس في الطين والقار!(٦)
  / وما أنا إلا كالجواد يصونه ... مقوّمه للسّبق في طيّ مضمار
  أو الدّرة الزهراء في قعر لجّة ... فلا تجتلى إلا بهول وأخطار
  وهل هو إلا منزل مثل منزلي ... وبيت ودار مثل بيتي أو داري؟
  فلا تنكري طول المدى وأذى العدى ... فانّ نهايات الأمور لإقصار(٧)
  لعلّ وراء الغيب أمرا يسرّنا ... يقدّره في علمه الخالق الباري
  وإني لأرجو أن أصول بجعفر ... فأهضم أعدائي وأدرك بالثّار
  يثني على من خلَّصه من سجنه
  فأخبرني عمي عن محمد بن داود:
(١) ينبو: يبعد في ضربه.
(٢) في هج: حتفا.
(٣) أكنافه: نواحيه جمع كنف، الضراء: الشدة والضيق، خادر: ملازم لأجمته. وفي ف: «والسجن يحجبني».
(٤) في ج: «والربيع الباكر» بدل الغمام ولفظها أليق.
(٥) الطرق: الضرب على الباب ليلا. وقعة الساري: نومته آخر الليل، نازح: بعيد عنه.
(٦) القار والقير: ما يدهن به سداد الدنان.
(٧) هذا البيت في هد، وهج، ساقط في غيرهما ومعنى «إقصار» انتهاء وترك وكف.