أخبار إبراهيم بن المدبر
  قال وكتبت إليه أيضا:
  أستوهب اللَّه حياتك، قرأت رقعتك المسكينة التي كلَّفتها مسألتك(١) عن أحوالنا، ونحن نرجو من اللَّه أحسن عوائده عندنا وندعوه ببقائك، ونسأله الإجابة فلا تعوّد نفسك - جعلني اللَّه فداءها - هذا الجفاء، والثقة مني بالاحتمال وسرعة الرجوع.
  وكتبت إليه وقد بلغها صومه يوم عاشوراء:
  قبل اللَّه صومك وتلقّاه بتبليغك ما التمست، كيف ترى نفسك؟ - نفسي فداؤك - ولم كدّرت جسمك في آب(٢)، أخرجه اللَّه عنك في عافية، فإنه فظ غليظ وأنت محرور(٣)، وإطعام(٤) عشرة مساكين أعظم لأجرك، ولو علمت لصمت لصومك مساعدة لك وكان الثواب في حسناتك دوني، لأن نيتي في الصوم كاذبة.
  أخبرني جعفر بن قدامة قال:
  اتصلت لعريب أشغال دائمة في أيام تركوا رسي(٥)، وخدمتها فيما هنالك. فلم يرها إبراهيم بن المدبّر مدة، فكتب إليها:
  صوت
  إلى اللَّه أشكو وحشتي وتفجّعي ... وبعد المدى بيني وبين عريب
  مضى دونها شهران لم أحل فيهما ... بعيش ولا من قربها بنصيب
  فكنت غريبا بين أهلي وجيرتي ... ولست إذا أبصرتها بغريب
  وإنّ حبيبا لم ير النّاس مثله ... حقيق بأن يفدى بكلّ حبيب
  / لعريب في هذه الأبيات خفيف ثقيل من رواية ابن المعتز، وهو من مشهور غنائها.
  عود إلى مكاتبات عريب
  وقال ابن المعتز في ذكره مكاتبات عريب إلى إبراهيم بن المدبر، وقد كتب إليها يشكو علته:
  كيف أصبحت أنعم اللَّه صباحك ومبيتك؟ وأرجو أن يكون صالحا، وإنما أردت إزعاج قلبي فقط.
  وكتبت إليه تدعو له في شهر رمضان:
  أفديك بسمعي وبصري وأهلّ اللَّه هذا الشهر عليك باليمن والمغفرة، وأعانك على المفترض فيه والمتنفّل، وبلَّغك مثله أعواما، وفرّج عنك وعنّي فيه.
  قال وكتبت إليه:
(١) كلف، يتعدى إلى المفعول الثاني بنفسه.
(٢) آب: شهر أغسطس. وفي هد: «ولم كدرت نفسك بالصوم في آب».
(٣) محرور: يجد بصدره حرارة.
(٤) في هد. والطعام عشرة ...
(٥) كذا في النسخ ولم نقف له على معنى.