أخبار النمر بن تولب ونسبه
  بينما نحن بهذا المربد جلوس - يعني مربد البصرة - إذ أتى علينا أعرابيّ أشعث الرأس، فوقف علينا، فقلنا:
  واللَّه لكأنّ هذا الرجل ليس من أهل هذا البلد، قال: أجل، وإذا معه قطعة من جراب أو أديم، فقال: هذا كتاب كتبه لي رسول اللَّه ﷺ، فقرأناه فإذا فيه مكتوب: ﷽، هذا كتاب من محمد رسول اللَّه لبني زهير - هكذا قال أحمد بن عبيد، وقال الباقون: لبني زهير بن أقيش - حيّ من عكل - إنكم إن شهدتم أن لا إله إلا اللَّه وأنّي رسول اللَّه، وأقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة، وفارقتم المشركين، وأعطيتم الخمس من الغنائم وسهم النبي والصّفيّ(١) فأنتم آمنون بأمان اللَّه وأمان رسوله.
  يشكون في روايته، فيغضب
  وقال أحمد بن عبيد اللَّه في خبره خاصة: «لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم». وقالوا جميعا في الخبر:
  فقال له القوم: حدّثنا رحمك اللَّه، ما سمعت من رسول اللَّه ﷺ، فقال: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «صوم شهر الصّبر، وصوم / ثلاثة أيام من كل شهر يذهبن كثيرا من وحر(٢) الصدر». فقال له القوم: أأنت سمعت هذا من رسول اللَّه ﷺ؟ فقال: أراكم تخافون أن أكذب على رسول اللَّه ﷺ، لا حدثتكم حديثا، ثم أهوى إلى الصحيفة، وانصاع(٣) مدبرا. قال يزيد بن عبد اللَّه: فقيل لي بعد ما مضى: هذا النمر بن تولب العكليّ الشاعر.
  مثل من كرمه
  أخبرني محمد بن خلف قال: أخبرنا محمد بن سلام، قال:
  خرج النمر بن تولب بعد ما كبر في إبله، فسأله سائل، فأعطاه فحل إبله، فلما رجعت الإبل إذا فحلها ليس فيها، فهتفت به امرأته، وعذلته، وقالت: فهلَّا غير فحل إبلك؟ فقال لها:
  دعيني وأمري سأكفيكه ... وكوني قعيدة بيت ضباعا(٤)
  فإنك لن ترشدي غاويا ... ولن تدركي لك حظَّا مضاعا
  وقال أيضا في عزلها إياه:
  بكرت باللَّوم تلحانا ... في بعير ضلّ أو حانا
  علقت لوّا تكرّرها ... إنّ لوّا ذاك أعيانا
  قال: وأدرك الإسلام فأسلم.
  تخدعه زوجه
  أخبرني الحسن بن عليّ؛ قال: حدثنا أحمد بن زهير، قال: حدثنا محمد بن / سلام قال:
  كان للنّمر بن تولب أخ يقال له الحارث بن تولب، وكان سيدا معظما، فأغار الحارث على بني أسد فسبى
(١) الصفى: ما اختاره الرئيس لنفسه من الغنيمة قبل القسمة وجمعه صفايا.
(٢) وحر: حقد وغيظ.
(٣) انصاع: أنفتل راجعا.
(٤) ونرجح أنها مرخم «ضباعة»، وهو اسم زوجته.