أخبار النمر بن تولب ونسبه
  امرأة منهم، يقال لها جمرة بنت نوفل، فوهبها لأخيه النمر بن تولب ففركته(١)، فحبسها، حتى استقرّت، وولدت له أولادا، ثم قالت له في بعض أيّامها: أزرني أهلي فإني قد اشتقت إليهم، فقال لها: إني أخاف إن صرت إلى أهلك أن تغلبيني على نفسك، فواثقته لترجعنّ إليه. فخرج بها في الشهر الحرام، حتى أقدمها بلاد بني أسد، فلما أطلّ على الحيّ تركته واقفا، وانصرفت إلى منزل بعلها الأول، فمكثت طويلا، فلم ترجع إليه، / فعرف ما صنعت وأنها اختدعته فانصرف وقال:
  جزى اللَّه عنا جمرة ابنة نوفل ... جزاء مغلّ(٢) بالأمانة كاذب
  لهان عليها أمس موقف راكب ... إلى جانب السّرحات أخيب خائب
  وقد سألت عني الوشاة ليكذبوا ... عليّ وقد أبليتها(٣) في النوائب
  وصدّت كأنّ الشمس تحت قناعها ... بدا حاجب منها وضنّت بحاجب
  وقال فيها أيضا:
  كل خليل عليها الرعا ... ث(٤) والحبلات كذوب ملق
  - الحبلات: واحدتها حبلة، وهي جنس من الحلى قدر ثمر الطَّلح -.
  وقامت إليّ فأحلفتها ... بهدي قلائده تختفق(٥)
  بأن لا أخونك فيما علمت ... فإن الخيانة شرّ الخلق(٦)
  / وقال فيها أشعارا كثيرة يطول ذكرها.
  يشبه حاتما في شعره
  أخبرني اليزيديّ، عن محمد بن حبيب قال:
  كان أبو عمرو يشبّه شعر النمر بشعر حاتم الطائيّ.
  أفتى الشعراء
  أخبرني الحسين بن عليّ قال: حدثنا أحمد بن زهير، قال: حدثنا مصعب بن عبد اللَّه الزبيري قال:
  بلغني أن صالح بن حسان قال يوما لجلسائه: أيّ الشعراء أفتى؟ قالوا: عمر بن أبي ربيعة، وقالوا: جميل، وأكثروا القول، فقال: أفتاهم النمر بن تولب حين يقول:
  أهيم بدعد ما حييت وإن أمت ... فوا حزنا من ذا يهيم بها بعدي(٧)!
(١) فركته: أبغضته وهو خاص بالزوجين وهي فارك وفروك.
(٢) مغل: خائن، وقيل: الغلول خاص بالخيانة في الفيء والغنيمة.
(٣) أبليتها: أحسنت إليها.
(٤) الرعثات: مفردها رعثة، والبيت من المتقارب دخله الحزم.
(٥) تختفق: تتحرك وتضطرب، وفي س، ب: «يحتنق» ولا معنى له.
(٦) كذا في هج، وفي ب: «شر خلق».
(٧) من العجب أن يعد هذا البيت دليل الفتوة، وتذكر كتب الأدب أن سكينة بنت الحسين انتقدته؛ لأنه يجافي الغيرة، واقترحت إصلاحه على النحو التالي: