كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار النمر بن تولب ونسبه

صفحة 459 - الجزء 22

  أهيم بدعد ما حييت فإن أمت ... أوكَّل بدعد من يهيم بها بعدي

  والناس يرون هذا البيت لنصيب وهو خطأ.

  أخبرني اليزيديّ عن عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي، عن عمه. وأخبرني / إبراهيم بن محمد الصائغ، عن ابن قتيبة، عن عبد الرحمن، عن عمه، عن حماد بن ربيعة أنه قال:

  أظرف الناس النّمر بن تولب حيث يقول:

  أهيم بدعد ما حييت فإن أمت ... أوكَّل بدعد من يهيم بها بعدي

  يرثي جمرة

  أخبرني ابن المرزبان قال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد قال: أخبرني محمد بن سلَّام قال:

  لما بلغ النّمر بن تولب أن امرأته جمرة توفّيت، نعاها له رجل من قومه يقال له حزام أو حرام، فقال:

  ألم تر أنّ جمرة جاء منها ... بيان الحقّ آن صدق الكلام

  نعاها بالنديّ⁣(⁣١) لنا حزام ... حديث ما تحدث يا حرام

  فلا تبعد وقد بعدت وأجرى⁣(⁣٢) ... على جدث تضمّنها الغمام

  - قال الأصمعي: يقال بعد وأبعد -

  يهذي في كبره

  أخبرني أبو الحسن الأسديّ قال: حدثنا الرياشيّ، عن الأصمعيّ. عن أبي عمرو وأخبرني به هاشم بن محمد أبو دلف الخزاعيّ قال: حدثنا أبو غسّان دماذ، عن أبي عبيدة، عن أبي عمرو قال:

  أدرك النّمر بن تولب النبي ، فأسلم وحسن إسلامه، وعمّر، فطال عمره، وكان جوادا واسع القرى كثير الأضياف وهّابا لماله، فلما كبر / خرف وأهتر⁣(⁣٣)، فكان هجّبراه⁣(⁣٤): أصبحوا الرّاكب، اغبقوا⁣(⁣٥) الرّاكب أقروا، انحر واللضيف، أعطو السائل، تحملوا لهذا في حمالته كذا وكذا - لعادته بذلك - فلم يزل يهذي بهذا وشبهه مدة خرفه حتى مات.

  موازنة بين خرف وخرف

  قال: وخرفت امرأة من حيّ كرام عظيم خطرهم وخطرها فيهم، فكان هجّيراها: زوّجوني، قولوا لزوجي يدخل، مهّدوا لي إلى جانب زوجي، فقال عمر بن الخطاب، وقد بلغه خبرها: ما لهج به أخو عكل النمر بن تولب في خرفه أفخر وأسرى، وأجمل مما لهجت به صاحبتكم. ثم ترحّم عليه.


(١) كذا في م، أ، وفي س، ب: «النداء».

(٢) كذا بالنسخ، ولعلها محرفة عن أمري من مريت الناقة فأمرت أي: در لبنها.

(٣) أهتر: فقد عقله من الكبر.

(٤) هجيراء: ديدنه وعادته.

(٥) كذا في م، وفي س، ب: «أعقبوا الركب» تحريف، والصبوح: الشرب صباحا، والغبوق: الشرب مساء.