أخبار النمر بن تولب ونسبه
  جمرة توصيه بولد منها
  أخبرني الحسن قال: حدثنا أحمد بن زهير، عن محمد بن سلام قال:
  حج النمر بن تولب بعد هرب جمرة منه فنزل بمنى، ونزلت جمرة مع زوجها قريبا منه، فعرفته، فبعثت إليه بالسلام، وسألته عن خبره، ووصّته خيرا بولده منها فقال:
  فحيّيت عن شحط بخير حدّيثنا ... ولا يأمن الأيام إلا المضلَّل
  يودّ الفتى طول السلامة والغنى(١) ... فكيف يرى طول السّلامة يفعل!
  شعره بين يدي الرسول
  أخبرني ابن المرزبان قال: حدثنا أبو محمد اليزيديّ، عن الاصمعيّ. وأخبرنا اليزيديّ عن ابن حبيب عن الأصمعيّ قال:
  لما وفد النمر بن تولب على النبي ﷺ أنشده:
  /
  يا قوم إني رجل عندي خبر ... للَّه من آياته هذا القمر
  والشمس والشعرى(٢) وآيات أخر ... من يتسام بالهدى فالخبث شرّ
  إنا أتيناك وقد طال السفر ... نقود خيلا رجعا(٣) فيها ضرر ... نطعمها اللحم إذا عزّ الشّجر
  قال اليزيديّ، عن ابن حبيب خاصة، قال الأصمعيّ: أطعمها اللحم: أسقيها اللبن، والعرب تقول: اللبن أحد اللحمين. وقال ابن حبيب: قال ابن الأعرابي: كانت العرب إذا لم تجد العلف دقت اللحم اليابس، فأطعمته الخيل:
  يسلو بدعد عن جمرة
  أخبرني عمي قال: حدثنا الكرانيّ قال: حدثنا العمريّ، عن الهيثم بن عديّ، عن ابن عياش. وأخبرنا ابن المرزبان قال: أخبرني عيسى بن يونس قال: حدثني محمد بن الفضل قال: حدثنا الهيثم بن عديّ، عن ابن عبّاس / قال:
  لما فارق النمر بن تولب امرأته الأسدية جزع عليها، حتى خيف على عقله ومكث أياما لا يطعم، ولا ينام، فلما رأت عشيرته منه ذلك، أقبلوا عليه يلومونه، ويعيّرونه، وقالوا: إن في نساء العرب مندوحة ومتّسعا، وذكروا له امرأة من فخذه الأدنين يقال لها دعد، ووصفوها له بالجمال والصّلاح، فتزوّجها ووقعت من قلبه، وشغلته عن ذكر جمرة وفيها يقول:
أهيم بدعد ما حييت فإن أمت ... فلا صلحت دعد لدى خلة بعدي
(١) رواها الكامل: «البقا» مقصورة، وفي رغبة الأمل:
«يود الفتى طول السلامة جاهدا»
(٢) الشعري: نجم في السماء وهما شعريان: الكبير والغميصاء، ويعدونهما أختي سهيل.
(٣) كليلة: مهزولة جمع رجيع.