كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار النمر بن تولب ونسبه

صفحة 458 - الجزء 22

  جمرة توصيه بولد منها

  أخبرني الحسن قال: حدثنا أحمد بن زهير، عن محمد بن سلام قال:

  حج النمر بن تولب بعد هرب جمرة منه فنزل بمنى، ونزلت جمرة مع زوجها قريبا منه، فعرفته، فبعثت إليه بالسلام، وسألته عن خبره، ووصّته خيرا بولده منها فقال:

  فحيّيت عن شحط بخير حدّيثنا ... ولا يأمن الأيام إلا المضلَّل

  يودّ الفتى طول السلامة والغنى⁣(⁣١) ... فكيف يرى طول السّلامة يفعل!

  شعره بين يدي الرسول

  أخبرني ابن المرزبان قال: حدثنا أبو محمد اليزيديّ، عن الاصمعيّ. وأخبرنا اليزيديّ عن ابن حبيب عن الأصمعيّ قال:

  لما وفد النمر بن تولب على النبي أنشده:

  /

  يا قوم إني رجل عندي خبر ... للَّه من آياته هذا القمر

  والشمس والشعرى⁣(⁣٢) وآيات أخر ... من يتسام بالهدى فالخبث شرّ

  إنا أتيناك وقد طال السفر ... نقود خيلا رجعا⁣(⁣٣) فيها ضرر ... نطعمها اللحم إذا عزّ الشّجر

  قال اليزيديّ، عن ابن حبيب خاصة، قال الأصمعيّ: أطعمها اللحم: أسقيها اللبن، والعرب تقول: اللبن أحد اللحمين. وقال ابن حبيب: قال ابن الأعرابي: كانت العرب إذا لم تجد العلف دقت اللحم اليابس، فأطعمته الخيل:

  يسلو بدعد عن جمرة

  أخبرني عمي قال: حدثنا الكرانيّ قال: حدثنا العمريّ، عن الهيثم بن عديّ، عن ابن عياش. وأخبرنا ابن المرزبان قال: أخبرني عيسى بن يونس قال: حدثني محمد بن الفضل قال: حدثنا الهيثم بن عديّ، عن ابن عبّاس / قال:

  لما فارق النمر بن تولب امرأته الأسدية جزع عليها، حتى خيف على عقله ومكث أياما لا يطعم، ولا ينام، فلما رأت عشيرته منه ذلك، أقبلوا عليه يلومونه، ويعيّرونه، وقالوا: إن في نساء العرب مندوحة ومتّسعا، وذكروا له امرأة من فخذه الأدنين يقال لها دعد، ووصفوها له بالجمال والصّلاح، فتزوّجها ووقعت من قلبه، وشغلته عن ذكر جمرة وفيها يقول:


أهيم بدعد ما حييت فإن أمت ... فلا صلحت دعد لدى خلة بعدي

(١) رواها الكامل: «البقا» مقصورة، وفي رغبة الأمل:

«يود الفتى طول السلامة جاهدا»

(٢) الشعري: نجم في السماء وهما شعريان: الكبير والغميصاء، ويعدونهما أختي سهيل.

(٣) كليلة: مهزولة جمع رجيع.