أخبار حنين الحيري ونسبه
  صوت من المائة المختارة
  راع الفؤاد تفرّق الأحباب ... يوم الرحيل فهاج لي أطرابي(١)
  فظللت مكتئبا أكفكف عبرة ... سحّا تفيض كواشل(٢) الأسراب
  لمّا تنادوا للرحيل وقرّبوا ... بزل الجمال لطيّة(٣) وذهاب
  كاد الأسى يقضي عليك صبابة ... والوجه منك لبين إلفك كأبي
  عروضه من الكامل. والشعر لعمر بن أبي ربيعة. والغناء للغريض، ولحنه المختار من الثقيل الأوّل بإطلاق الوتر في مجرى البنصر عن إسحاق. [وقال حبش: وفيه لأبي كامل ثاني ثقيل بالوسطى](٤). وذكر حبش: أنّ للغريض أيضا فيه خفيف ثقيل بالوسطى. ولمالك ثقيل أوّل بالوسطى. وهذه الأبيات قالها عمر بن أبي ربيعة في بنت لعبد الملك بن مروان كانت حجّت في خلافته.
  قصة ابن أبي ربيعة مع بنت عبد الملك بن مروان
  أخبرني عليّ بن صالح بن الهيثم قال أخبرني أبو هفّان عن إسحاق بن إبراهيم عن الزّبيريّ والمدائنيّ ومحمد بن سلَّام والمسيّبيّ:
  / أنّ بنتا لعبد الملك بن مروان حجّت، فكتب الحجاج إلى عمر بن أبي ربيعة يتوعّده إن ذكرها في شعره بكلّ مكروه؛ وكانت تحبّ أن يقول فيها شيئا وتتعرّض لذلك، فلم يفعل خوفا من الحجّاج. فلمّا قضت حجّها خرجت فمرّ بها رجل فقالت له: من [أين](٥) أنت؟ قال: من أهل مكَّة؛ قالت: عليك وعلى أهل بلدك لعنة اللَّه! قال: ولم ذاك؟ قالت: حججت فدخلت مكة ومعي من الجواري ما لم تر الأعين مثلهنّ، فلم يستطع الفاسق ابن أبي ربيعة أن يزوّدنا من شعره أبياتا نلهو بها في الطريق في سفرنا! قال: فإني لا أراه إلا قد فعل؛ قالت: فأتنا بشيء إن كان قاله ولك بكل بيت عشرة دنانير؛ فمضى إليه فأخبره؛ فقال: لقد فعلت، ولكن أحبّ أن تكتم عليّ؛ قال: أفعل؛ فأنشده:
  راع الفؤاد تفرّق الأحباب ... يوم الرحيل فهاج لي أطرابي
  وهي طويلة. وأنشده:
  هاج قلبي تذكَّر الأحباب ... واعترتني نوائب الأطراب(٦)
  وهي طويلة أيضا، يقول فيها:
(١) راع الفؤاد: أفزعه. والأطراب: جمع طرب، والطرب يطلق على الفرح والحزن والشوق، والمراد هنا أحد المعنيين الأخيرين.
(٢) واشل: سائل، من وشل الماء يشل (كوعد) إذا سأل وقطر، والأسراب: جمع سرب (بالتحريك) وهو الماء السائل من المزادة.
(٣) يقال: مضى فلان لطيته أي لوجهه ونيته التي انتواها.
(٤) الزيادة عن أ، م، ح.
(٥) الزيادة عن أ، م.
(٦) الأطراب هنا: الأحزان.