أخبار حنين الحيري ونسبه
  فشخص إليهم، فلمّا كان على مرحلة من المدينة بلغهم خبره فخرجوا يتلقّونه، فلم ير يوم كان أكثر حشرا(١) ولا جمعا من يومئذ، ودخلوا، فلمّا صاروا في بعض الطريق قال لهم معبد: صيروا إليّ؛ فقال له ابن سريج: إن كان لك من الشرف والمروءة مثل ما لمولاتي سكينة / بنت الحسين عطفنا إليك؛ فقال: ما لي من ذلك شيء، وعدلوا إلى منزل سكينة. فلمّا دخلوا إليها أذنت للناس إذنا فغصّت الدار بهم وصعدوا فوق السطح، وأمرت لهم بالأطعمة فأكلوا منها، ثم إنهم سألوا جدّي حنينا أن يغنّيهم صوته الذي أوّله:
  هلَّا بكيت على الشباب الذاهب
  فغنّاهم إيّاه بعد أن قال لهم: ابدؤا أنتم؛ فقالوا: ما كنّا لنتقدّمك ولا نغنّي قبلك حتى نسمع هذا الصوت؛ فغنّاهم إياه، وكان من أحسن الناس صوتا، فازدحم الناس على السطح وكثروا ليسمعوه، فسقط الرّواق على من تحته فسلموا جميعا وأخرجوا أصحّاء، ومات حنين تحت الهدم؛ فقالت سكينة &: لقد كدّر علينا حنين سرورنا، انتظرناه مدّة طويلة كأنّا واللَّه كنّا نسوقه إلى منيّته.
  نسبة ما في الخبر الأول من الغناء
  الغناء في الأصوات المتقدّمة
  صوت
  وتركته جزر السّباع ينشنه ... ما بين قلَّة رأسه والمعصم
  إن تغدفي دوني القناع فإنّني ... طبّ بأخذ الفارس المستلئم(٢)
  الشعر لعنترة بن شدّاد العبسيّ، والغناء فيه لحنين ثاني ثقيل(٣).
  ومنها:
  صوت
  حنتني حانيات الدهر حتّى ... كأنّي خاتل يدنو لصيد
  قريب الخطو يحسب من رآني ... ولست مقيّدا أنّي بقيد
  / الغناء لحنين الحيريّ ثقيل أوّل. وفيه لإبراهيم الموصليّ ما خوريّ جميعا عن ابن المكَّيّ، / ووافقه عمرو بن بانة في لحن إبراهيم [الموصلي](٤). ونسبة الشعر الذي غنّاه حنين في منزل سكينة & يقال: إنه لعديّ بن زيد، وقيل: إنّ بعضه له وقد أضافه المغنّون إليه. ولحنه خفيف ثقيل مطلق في مجرى البنصر عن إسحاق.
(١) في أ، م، ء، ط: «حشدا».
(٢) أغدفت المرأة قناعها: أرسلته على وجهها. والطب: الحاذق من الرجال الماهر بعلمه. والمستلئم: لابس اللأمة، وهي الدرع.
(٣) في ط: «والغناء لابن سريج ثقيل أوّل».
(٤) الزيادة عن ح.