أخبار عبد بني الحسحاس
  قلت وفعلت، فقال: دعوني إلى غد حتى أعذرها(١) عند أهل الماء، فقالوا: إن هذا صواب فتركوه، فلما كان الغد اجتمعوا فنادى: يا أهل الماء، ما فيكم امرأة إلا قد أصبتها إلا فلانة فإني على موعد منها فأخذوه فقتلوه.
  ومما يغنّى فيه من قصيدة سحيم عبد بني الحسحاس، وقال: إن من الناس من يرويها لغيره:
  تجمّعن من شتّى ثلاثا وأربعا ... وواحدة حتى كملن ثمانيا
  وأقبلن من أقصى الخيام يعدنني ... بقيّة ما أبقين نصلا يمانيا
  / يعدن مريضا هنّ قد هجن داءه ... ألا إنما بعض العوائد دائيا
  فيه لحنان كلاهما من الثقيل الأول، والذي ابتداؤه «تجمعن من شتى ثلاث» لبنان.
  والذي أوله «وأقبلن من أقصى الخيام». ذكر الهشامي أنه لإسحاق وليس يشبه صنعته ولا أدري لمن هو؟
  مخارق يكبد لإسحاق
  أخبرني جحظة عن ابن حمدون أن مخارقا عمل لحنا في هذا الشعر:
  وهبّت شمالا آخر الليل قرّة ... ولا ثوب إلا بردها وردائيا
  على عمل صنعة إسحاق في:
  /
  أماويّ إن المال غاد ورائح
  ليكيد به إسحاق، وألقاه على عجوز عمير الباذ عيسى، وقال لها: إذا سئلت عنه فقولي: أخذته من عجوز مدنية، ودار الصوت حتى غنّي به الخليفة، فقال لإسحاق: ويلك أخذت لحن هذا الصوت تغنّيه(٢) كلَّه، فحلف له بكل يمين يرضاه أنه لم يفعل وتضمّن له كشف القصة، ثم أقبل على من غنّاهم الصوت فقال: عمّن أخذته؟ فقال:
  عن فلان، فلقيه، فسأله عمن أخذه فعرفه، ولم يزل يكشف عن القصة، حتى انتهت من كل وجه إلى عجوز عمير، فسئلت عن ذلك، فقالت: أخذته عن عجوز مدنية، فدخل إسحاق على عمير، فحلف له بالطلاق والعتاق وكلّ محرج من الأيمان ألَّا يكلمه أبدا ولا يدخل داره ولا يترك كيده وعداوته أو يصدقه عن حال هذا الصوت وقصته، فصدقه عمير عن القصة، فحدّث بها الواثق بحضرة عمير ومخارق، فلم يكن مخارقا دفع ذلك، وخجل خجلا بان فيه، وبطل ما أراده بإسحاق.
  صوت
  ثلاثة أبيات فبيت أحبّه ... وبيتان ليسا من هواي ولا شكلي
  ألا أيها البيت الذي حيل دونه ... بنا أنت من بيت وأهلك من أهل
  الشعر لجميل، والغناء لإسحاق ماخوري بالبنصر من جامع أغانيه، وفيه رمل مجهول ذكره حبش لعلَّوية ولم أجد طريقته.
(١) أعذرها: أثبت لها عذرا.
(٢) س، ب «بعينه» بدل «تغنيه».