أخبار العديل ونسبه
  فقتلا منهم أربعة، وضرب العديل على رأسه، ثم تفرّقوا، وهرب دابغ، حتى أتى الشأم، فداوى ربضة بن النعمان الشيبانيّ للعديل ضربته، ومكث مدة.
  ثم خرج العديل بعد ذلك حاجّا، فقيل له إن دابغا قد جاء حاجّا، وهو يرتحل، فيأخذ طريق الشأم، وقد اكترى. فجعل العديل عليه الرصد، حتى إذا خرج دابغ ركب العديل راحلته وهو متلثّم، وانطلق يتبعه، حتى لقيه خلف الركاب يحدو بشعر العديل ويقول:
  يا دار سلمى أقفرت من ذي قار ... وهل بإقفار الديار من عار
  وقد كسين عرقا مثل القار ... يخرجن من تحت خلال الأوبار(١)
  فلحقه العديل، فحبس عليه بعيره، وهو لا يعرفه، ويسير رويدا، ودابغ يمشي رويدا، وتقدمت إبله فذهبت، وإنما يريد أن يباعده عنها بوادي حنين، ثم قال له العديل: واللَّه لقد استرخى حقب(٢) رحلي، أنزل فأغيّر الرحل، وتعينني. فنزل فغيّر / الرّحل، وجعل دابغ يعينه، حتى إذا شدّ الرّحل أخرج العديل السيف، فضربه حتى برد، ثم ركب راحلته فنجا، وأنشأ يقول:
  ألم ترني جللَّت بالسيف دابغا ... وإن كان ثأرا لم يصبه غليلي
  بوادي حنين ليلة البدر رعته ... بأبيض من ماء الحديد صقيل
  وقلت لهم: هذا الطريق أمامكم ... ولم أك(٣) إذ صاروا لهم بدليل
  جرثومة العنزي يعير العديل
  وقال أبو اليقظان: كان العديل هجا جرثومة العنزيّ الجلَّانيّ فقال(٤) فيه:
  أهاجي بني جلَّان إذ لم يكن لها ... حديث ولا في الأولين قديم
  فأجابه جرثومة فقال:
  وإنّ امرأ يهجو الكرام ولم ينل ... من الثأر إلا دابغا للئيم
  أتطلب في جلَّان وترا ترومه ... وفاتك بالأوتار شرّ غريم(٥)
  العديل يهرب من الحجاج
  قالوا: واستعدى مولى دابغ على العديل الحجاج بن يوسف، وطالبه بالقود فيه، فهرب العديل من الحجاج إلى بلد الروم، فلما صار إلى بلد الروم لجأ إلى قيصر، فأمّنه، فقال في الحجاج:
  أخوّف بالحجاج حتّى كأنما ... يحرّك عظم في الفؤاد مهيض
(١) في هج: «ظلال» بدل «خلال»، والشعر من السريع، ساكن الروى.
(٢) الحقب كسبب: الحزام يلي حقو البعير.
(٣) في س، ب: «ولم آل»، وفي بعض النسخ «ساروا» بدل «صاروا».
(٤) في س، م: «الجلان» وهو تحريف.
(٥) في البيت أقواء.