أخبار العديل ونسبه
  ودون يد الحجاج من أن تنالني ... بساط(١) لأيدي الناعجات عريض(٢)
  مهامه أشباه كأن سرابها ... ملاء بأيدي الراحضات رحيض(٣)
  / فبلغ شعره الحجاج، فكتب إلى قيصر: لتبعثنّ به أو لأغزينّك جيشا يكون أوله عندك وآخره عندي، فبعث به قيصر إلى الحجاج، فقال له الحجّاج لما أدخل عليه: أأنت القائل:
  ودون يد الحجاج من أن تنالي ... فكيف رأيت اللَّه أمكن منك؟ قال: بل أنا القائل أيها الأمير:
  فلو كنت في سلمى أجا وشعابها ... لكان لحجّاج عليّ سبيل
  خليل أمير المؤمنين وسيفه ... لكلّ إمام مصطفّى وخليل
  بنى قبّة الإسلام حتى كأنّما ... هدى الناس من بعد الضلال رسول
  فخّلى سبيله، وتحمل دية دابغ في ماله.
  الحجاج يعفو عن العديل
  أخبرني عمي وحبيب بن نصر المهلبيّ، قال: حدثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال: حدثني محمد بن منصور بن عطية الغنويّ قال: أخبرني جعفر بن عبيد اللَّه بن جعفر عن أبي عثمان البقطريّ(٤) قال:
  خرج العديل بن الفرخ يريد الحجاج، فلما صار ببابه حجبه الحاجب، فوثب عليه العديل، وقال: إنه لن يدخل على الأمير بعد رجالات قريش أكبر مني ولا أولى بهذا الباب، فنازعه الحاجب الكلام، فأحفظه، وانصرف العديل عن باب الحجاج إلى يزيد بن المهلب، فلما دخل إليه أنشأ يقول:
  لئن أرتج الحجاج بالبخل بابه ... فباب الفتى الأزديّ(٥) بالعرف يفتح
  فتى لا يبالي الدهر ما قلّ ماله ... إذا جعلت أيدي المكارم تسنح
  يداه يد بالعرف تنهب ما حوت ... وأخرى على الأعداء تسطو وتجرح
  / إذا ما أتاه المرملون(٦) تيقّنوا ... بأن الغنى فيهم وشيكا سيسرح
  أقام على العافين حرّاس بابه ... ينادونهم والحرّ بالحرّ يفرح
  هلموا إلى سيب الأمير وعرفه ... فإنّ عطاياه على الناس تنفح
  وليس كعلج من ثمود بكفّه ... من الجود والمعروف حزم مطوّح(٧)
(١) بساط: أرض منبسطة مستوية.
(٢) الناعجات: السريعات.
(٣) الراحضات: الغاسلات، والرحيض: المغسول وفي هج: الغاسلات.
(٤) نسبة إلى بقطر: موضع بصعيد مصر على شاطئ مدينة قفط شرقي النيل.
(٥) يقصد بالفتى الأزدي يزيد بن المهلب.
(٦) المرملون: من نفد زادهم.
(٧) في س، ب «مطرح».