كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر الغريض وأخباره

صفحة 577 - الجزء 2

  لما ماتت الثريا ناح عليها الغريض أخبرني أحمد بن عبد العزيز وإسماعيل بن يونس قالا حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثنا محمد بن يحيى قال زعم عبيد بن يعلى قال:

  قال لي كثير بن كثير السّهميّ: لمّا ماتت الثّريّا أتاني الغريض فقال لي: قل لي شعرا أبك به عليها؛ فقلت:

  صوت

  ألا يا عين مالك تدمعينا ... أمن رمد بكيت فتكحلينا

  أم أنت مريضة⁣(⁣١) تبكين شجوا ... فشجوك مثله أبكى العيونا

  فناح به عليها. قال: وأخبرني من رآه بين عمودي سريرها ينوح به. الغناء للغريض في هذين البيتين خفيف ثقيل بالوسطى عن ابن المكَّيّ. وفيه ثقيل أوّل مجهول.

  تحاكم هو وابن سريج إلى سكينة بنت الحسين فساوت بينهما

  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال حدّثني محمد بن سلَّام وأخبرنا وكيع قال: حدّثنا محمد بن إسماعيل عن محمد بن سلَّام عن جرير، ورواه حمّاد عن أبيه عن ابن سلام عن جرير أيضا:

  أنّ سكينة بنت الحسين # حجّت فدخل إليها ابن سريج والغريض وقد استعار ابن سريج حلَّة لامرأة من قريش فلبسها؛ فقال لها ابن سريج: يا سيّدتي، إني كنت صنعت صوتا وحسّنته وتنوّقت⁣(⁣٢) فيه، وخبأته لك في حريرة في درج مملوء مسكا فنازعنيه هذا الفاسق - يعني الغريض - فأردنا أن نتحاكم إليك فيه. فأيّنا قدّمته فيه تقدّم؛ قالت: هاته، فغنّاها:

  عوجي علينا ربّة الهودج ... إنّك إلَّا تفعلي تحرجي⁣(⁣٣)

  / فقالت: هاته أنت يا غريض؛ فغنّاها إياه؛ فقالت لابن سريج: أعده، فأعاده، وقالت: يا غريض، أعده، فأعاده؛ فقالت: ما أشبّهكما إلا بالجديين⁣(⁣٤): / الحارّ والبارد لا يدرى أيّهما أطيب. وقال إسحاق في خبره:

  ما أشبّهكما إلا باللؤلؤ والياقوت في أعناق الجواري الحسان لا يدرى أيّهما أحسن.


(١) في الجزء الأول من هذه الطبعة ص ٢٤٦: «حزينة».

(٢) تنوّق: تجوّد في الشيء وبالغ فيه.

(٣) تحرجي: تأثمي.

(٤) كذا فيء. وورد في «المسعودي» ج ٢ ص ٥٦ في وصف معاوية: «ثم يؤتى بالغداء الأصغر وهو فضلة عشائه من جدي بارد».

وفي أ، م: «إلا بالحدّ بين الحارّ والبارد». وفي ح: «إلا بالجدّ بين الحارّ والبارد» وهما محرّفان عن الأوّل. وفي ب، س:

«بالجوزابين» ولعله محرّف عن الجوذابين: وهو مثنى جوذاب (بالضم) ويقال فيه ذوباج أيضا، وهو كما قال صاحب «اللسان»:

طعام يصنع بسكر وأرز ولحم. وفي كتاب «الأطعمة» (الموجود بدار الكتب المصرية تحت رقم ٥١ علوم معاشية): بيان لأنواع الجواذيب وكيفية صنع كل منها.