ذكر الغريض وأخباره
  صوت
  أتربيّ من أعلى(١) معدّ هديتما ... أجدّا البكا إنّ التفرّق باكر
  فما مكثنا دام الجميل عليكما ... بثهلان(٢) إلَّا أن تزمّ الأباعر
  - عروضه من الطويل. هكذا ذكره ولم ينسبه ولا جنّسه - قال: فتأوّه أهل مكَّة وأنّوا وتمخّطوا(٣). واندفع الغريض يغنّي:
  أيّها الرائح المجدّ ابتكارا ... قد قضى من تهامة الأوطارا
  فارتفع البكاء والنحيب. واندفع ابن سريج يغني:
  جددي الوصل يا قريب وجودي ... لمحبّ فراقه قد ألمّا
  ليس بين الحياة والموت إلَّا ... أن يردّوا جمالهم فتزمّا
  / فارتفع الصّراخ من الدّور بالويل والحرب(٤). قال يونس في خبره: واجتمع الناس إلى الأمير فاستعفوه من نفيهم فأعفاهم. وذكر الباقون أنّ الغريض ابتدأ بلحنه:
  أيّها الراكب المجدّ ابتكارا
  وتلاه ابن سريج في «جدّدي الوصل». قال: وارتفع الصراخ فلم يسمع من معبد شيء ولم يقدر على أن يغنّي.
  غنت شطباء المغنية علي بن جعفر فطرب
  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال أخبرني عبد الرحمن بن محمد السّعديّ قال:
  حضرت شطباء المغنّية جارية عليّ بن جعفر ذات يوم تغنّي:
  ليس بين الرّحيل والبين(٥) إلَّا ... أن يردّوا جمالهم فتزمّا
  فطرب عليّ بن جعفر وصاح(٦): سبحان اللَّه العظيم! ألا يوكون(٧) قربة! ألا يشدّون محملا! ألا يعلَّقون سفرة(٨)! ألا يسلَّمون على جار! هذه واللَّه العجلة.
(١) في ح: «عليا».
(٢) ثهلان: جبل بنجد.
(٣) تمخطوا: اضطربوا.
(٤) كذا فيء، أ، م أي قيل وا ويلاه ووا حرباه. والحرب (بالتحريك): أن يسلب الرجل ماله، ثم توسع فيه فعبر به عما يصيب المرء من مكروه. وفي باقي النسخ: «بالويل والحزن».
(٥) في ح: «والموت».
(٦) كذا في ط. وفي سائر النسخ: «وقال».
(٧) أوكي القربة: شدّها بالوكاء وهو رباطها، وفي الحديث: «أوكوا الأسقية». أي شدّوا رؤوسها بالوكاء لئلا يدخلها حيوان أو يسقط فيها شيء.
(٨) السفرة في الأصل: طعام يتخذه المسافر، ومنه حديث عائشة: «صنعنا لرسول اللَّه ÷ ولأبي بكر سفرة في جراب» أي طعاما، ثم أطلق مجازا على جلد مستدير يحمل فيه هذا الطعام. وتطلق السفرة أيضا على ما يبسط ليؤكل عليه.