كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار نصيب الأصغر

صفحة 18 - الجزء 23

  /

  أنادي بأعلى الصوت جعدا وقد يرى ... مكاني ولكن لا يجيب ويسمع

  ولم يرني أهلا لحسن إجابة ... ولا سوئها إني إلى اللَّه أرجع

  فلو أنّني جازيت جعدا بفعله ... لقد لاح لي فيه من الشعر موضع

  ولكنّني جافيت عنه لغيره ... بحسن الذي يأتي إليّ ويصنع

  رأيتك لم تحفظ قرابة بيننا ... وما زالت القربى لدى الناس تنفع

  لا يريد شريكا:

  قال: وسأل عبيد اللَّه بن يحيى بن سليمان مركبا، فأعطاه إياه، وجعل معه شريكا له فيه، فقال:

  لقد مدحت عبيدا إذ طمعت به ... وقد تملَّقته لو ينفع الملق

  فعاد يسأل ما أصبحت سائله ... فكلَّنا سائل في الحرص متّفق

  أحين سار مديحي فيكم طرقا ... وحيث غنّت به الركبان والرّفق

  قطعت حبل رجاء كنت آمله ... فيما لديك فأضحى وهو منحذق⁣(⁣١)

  قد كان أورق عودي من أبيك فقد ... لحيت عودي فجفّ العود والورق

  من نازع الكلب عرقا يرتجى شبعا ... كمصطل بحريق وهو يحترق⁣(⁣٢)

  الفضل بن يحيى يستقل ما أعطاه إياه:

  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال: حدّثنا الزبير بن بكَّار قال: كتب إليّ أبو محمد إسحاق بن أبي إبراهيم يقول:

  أنشدت الفضل بن يحيى قول أبي الحجناء نصيب:

  عند الملوك مضرّة ومنافع ... وأرى البرامك لا تضرّ وتنفع

  / إن العروق إذا استسرّ بها الثّرى ... أشر النبات بها وطاب المزرع⁣(⁣٣)

  فإذا نكرت من امرئ أعراقه ... وقديمه فانظر إلى ما يصنع

  قال: فأعجبه الشعر، فقال: يا أبا محمد، كأني واللَّه لم أسمع هذا القول إلا الساعة، وما له عندي عيب إلا أنّي لم أكافئه عليه. قال: قلت: وكيف ذلك أصلحك اللَّه، وقد وهبت له ثلاثين ألف درهم! فقال: لا واللَّه ما ثلاثون ألف دينار بمكافئة له، فكيف ثلاثون ألف درهم!


(١) منحذق: منقطع.

(٢) عرقا: عظما وفي س، ب: «عرفا» وما أثبتناه من ف.

(٣) أشر النبات: ازدهر.