أخبار ابن البواب
  زيارته، وعاتبوه على تأخره عنهم، فجعل يجمجم في عذره، ولا يصرّح، فأقام عندهم، فلما أخذ فيه النبيذ أنشأ يقول:
  /
  لو تشكَّى أبو عمير قليلا ... لأتيناه من طريق العياده
  فقضينا من العيادة حقّا ... ونظرنا في مقلتي عبّاده
  فقال له أبو عمير: مالي ولك يا أخي؟ انظر في مقلتي عبّادة متى شئت غير ممنوع، ودعني أنا في عافية، لا تتمنّ لي المرض لتعودني.
  شعره في صديق مدمن:
  وقال أحمد بن القاسم:
  كان عبد اللَّه بن إسماعيل بن عليّ بن ريطة يألف ابن البواب ويعاشره، فشرب عنده يوما حتى سكر ونام، فلما أفاق في السّحر أراد الانصراف، فحلف عليه واحتبسه، وكان عبد اللَّه يهوى جارية له من جواري عمرو بن بانة، فبعث إلى عمرو بن بانة فدعاه / وسأله إحضار الجارية، فأحضرها، وانتبه عبد اللَّه بن إسماعيل من نومه، وهو يتململ خمارا. فلما رآها نشط، وجلس فشرب، وتمّموا يومهم، فقال عبد اللَّه بن محمد بن البواب في ذلك:
  وكريم المجد محض أبوه ... فهو الصفو اللَّباب النّضار
  هاشميّ لقروم إذا ما ... أظلمت أوجه قوم أناروا
  رمت القهوة بالنوم وهنا ... عينه فالجفن فيه انكسار
  فهو من طرف يفدّيك طورا ... ويعاطيك اللواتي أداروا
  ساعة ثم انثنى حين دبّت ... ومشت فيه السّلاف العقار
  وأبت عيني اغتماضا فلمّا ... حان من أخرى النجوم انحدار
  قلت: عبد اللَّه حاذرت أمرا ... ليس يغني خائفيه الحذار
  فاستوى كالهندوائيّ لمّا ... أن رأى أن ليس يغني الفرار
  قلت: خذها مثل مصباح ليل ... طيّرت في حافيته الشّرار
  أقبلت قطرا نطافا ولما ... يتعب العاصر منها اعتصار(١)
  هي كالياقوت حمراء شيبت ... وعلا الحمرة منها اصفرار(٢)
  كالدنانير جرى في ذراها ... فضة فالحسن منها قصار(٣)
  تنطق الخرس وبالصمت ترمي ... معشرا نطقا إذا ما أحاروا
(١) كذا في ف وفي س، ب: «فيها» بدل «منها».
(٢) كذا في ف وفي س، ب: «شبت» بدل «شيبت».
(٣) قصار: غاية ونهاية.