كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار محمد بن عبد الملك الزيات ونسبه

صفحة 45 - الجزء 23

  /

  هذا وأنت ابن زيات تصغّرنا ... فكيف لو كنت يا هذا ابن عطَّار؟

  فبلغ ذلك محمدا، فقال: كيف ينتصف من ساقط أحمق، وضعه رفعه، وعقابه ثوابه.

  أضيع ميتة:

  أخبرني الصوليّ، قال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد الأزديّ، قال: حدّثني يعقوب بن التّمار، قال:

  قال محمد بن عبد الملك لبعض أصحابه: ما أخّرك عنا؟ قال: موت أخي، قال: بأيّ علة؟ قال: عضّت أصبعه فأرة، فضربته الحمرة⁣(⁣١)، فقال محمد: ما يرد القيامة شهيد أخسّ سببا، ولا أنذل⁣(⁣٢) قاتلا، ولا أضيع ميتة، ولا أظرف قتلة من أخيك.

  خمسون بيتا في بيت:

  أخبرني عمي عن أبي العيناء، قال:

  كان محمد بن عبد الملك يعادي أحمد بن أبي دواد، ويهجوه، فكان أحمد يجمع الشعراء، ويحرّضهم على هجائه ويصلهم، ثم قال فيه أحمد بيتين، كانا أجود ما هجي به، وهما:

  أحسن من خمسين بيتا سدى ... جمعك إيّاهنّ في بيت

  ما أحوج الناس إلى مطرة ... تذهب عنهم وضر الزيت⁣(⁣٣)

  وكان ابن أبي دواد يقول: ليس أحد من العرب إلا وهو يقدر على قول الشعر، طبعا ركَّب فيهم، قلّ قوله أو كثر.

  أبو تمام يمدحه:

  أخبرنا الصوليّ، قال: حدّثنا محمد بن موسى عن الحسن بن وهب، قال:

  أنشد أبو تمام محمد بن عبد الملك قصيدته التي يقول فيها:

  لهان علينا أن نقول وتفعلا⁣(⁣٤)

  فأثابه عليها ووقّع عليه:

  رأيتك سهل البيع سمحا وإنما ... يغالى إذا ما ضنّ بالشيء بائعه

  فأما الذي هانت بضائع بيعه ... فيوشك أن تبقى عليه بضائعه


(١) الحمرة: ورم من جنس الطواعين ينشأ عن اتساخ جرح.

(٢) كذا في ف، م، أ، وفي س، ب: «أنزل» بدل «أنذل».

(٣) رواية البغدادي في «الخزانة»:

أحسن من تسعين بيتا سدى ... جمعك معناهن في بيت

ما أحوج الملك إلى مطرة ... تغسل عنه وضر الزيت

(٤) عجزه:

ونذكر بعض الفضل منك فتفضلا