كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار محمد بن عبد الملك الزيات ونسبه

صفحة 52 - الجزء 23

  قال: وكان الحسن بن وهب يساير محمدا على مسنّاة⁣(⁣١)، فعدل عن المسنّاة لئلا / يضيق لمحمد الطريق، فظنّ محمد أنه أشفق على نفسه من المسنّاة، فعدل عنها، ولم يساعده على طريقه، وظنّ بنفسه أن يصيبها ما يصيبه، فقال له محمد:

  قد رأيناك إذ تركت المسنّا ... ة وحاذيتني يسار الطريق

  ولعمري ما ذاك منك وقد جدّ ... بك الجدّ من فعال الشّفيق

  ثم ساجلة ثالثة بينهما:

  فقال له الحسن:

  إن يكن خوفي الحتوف أراني ... أن تراني مشبّها بالعقوق

  فلقد جارت الظنون على المش ... فق والظَّنّ مولع بالشفيق

  / غرّر السيد الأجلّ وقد سا ... ر على الحرف من يمين الطريق⁣(⁣٢)

  فأخذت الشّمال بقيا على السى ... د إذ هالني سلوك المضيق

  إنّ عندي مودّة لك حازت ... ما حوى عاشق من المعشوق

  طود عزّ خصصت منه ببرّ ... صار قدري به مع العيّوق⁣(⁣٣)

  وبنفسي وإخوتي وأبي ... البرّ وعمّي وأسرتي وصديقي

  من إذا ما روّعت أمّن روعي ... وإذا ما شرقت سوّغ ريقي

  يمدح نفسه:

  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش والصوليّ، قالا: حدّثنا المبرّد، قال:

  استسقى الحسن بن وهب من محمد بن عبد الملك نبيذا ببلد الروم، وهو مع المعتصم فسقاه وكتب إليه:

  لم تلق مثلي صاحبا ... أبدى يدا وأعمّ جودا

  / يسقي النديم بقفرة ... لم يسق فيها الماء عودا

  صفراء صافية كأنّ ... بكأسها درّا نضيدا

  وأجود حين أجود لا ... حصرا بذاك ولا بليدا

  وإذا استقلّ بشكرها ... أوجبت بالشّكر المزيدا

  خذها إليك كأنّما ... كسيت زجاجتها عقودا

  واجعل عليك بأن تقو ... م بشكرها أبدا عهودا


(١) مسناة: سد يعترض به الوادي.

(٢) في س، ب: «عذر» بدل «غرر» و «الخوف» بدل «الحرف».

(٣) العيوق: نجم أحمر مضيء في طرف المجرة الأيمن يتلو الثريا لا يتقدمها.