كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار ماني الموسوس

صفحة 138 - الجزء 23

  فأنا أستودعكم اللَّه، ثم قام فانصرف، فأمر له محمد بن عبد اللَّه بصلة، ثم كان كثيرا ما يبعث يطلبه إذا شرب، فيبرّه، ويصله، ويقيم عنده.

  يشبب بغلام:

  أخبرني جعفر بن قدامة، قال: حدّثني المبرد، قال:

  حدّثني بعض الكتاب ممّن كان ماني يلزمه⁣(⁣١)، ويكثر عنده، قال: لقيني يوما ماني بعد انقطاع طويل عني، فقال: ما قطعني عنك إلا أني هائم، قلت: بمن؟ قال بمن إن شئت أن تراه الساعة رأيته / فعذرتني، قلت: فأنا معك، فمضى، حتى وافى باب الطاق، فأراني / غلاما جميل الوجه بين يدي بزّاز في حانوته، فلما رآه الغلام عدا، فدخل الحانوت، ووقف ماني طويلا ينتظره، فلم يخرج، فأنشأ يقول:

  ذنبي إليه خضوعي حين أبصره ... وطول شوقي إليه حين أذكره

  (⁣٢) وما جرحت بطرف العين مهجته ... إلا ومن كبدي يقتصّ محجره

  نفسي على بخله تفديه من قمر ... وإن رماني بذنب ليس يغفره

  وعاذل باصطبار القلب يأمرني ... فقلت: من أين لي قلب أصبّره⁣(⁣٣)

  ومضى يعدو ويصيح: الموت مخبوء في الكتب⁣(⁣٤).

  صوت

  وشادن قلبي به معمود ... شيمته الهجران والصّدود

  لا أسأم الحرص ولا يجود ... والصبر عن رؤيته مفقود

  زنّاره في خصره معقود ... كأنه من كبدي مقدود

  عروضه من الرجز، والشّعر لبكر بن خارجة، والغناء للقاسم بن زرزور، خفيف رمل بالوسطى.


(١) س، ب: «يكرمه».

(٢ - ٢) زيادة في ف.

(٣) كذا في ف وهي أنسب من رواية س، ب:

«صبر فأهجره»

(٤ - ٤) زيادة في ف.