كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار ماني الموسوس

صفحة 137 - الجزء 23

  فتنفّست ثم قلت لطيفي: ... ويك إن زرت طيفها إلماما

  حيّها بالسلام سرّا وإلَّا ... منعوها لشقوتي أن تناما

  فقال محمد: أحسنت يا ماني، ثم غنّت:

  يا خليليّ ساعة لا تريما ... وعلى ذي صبابة فأقيما

  ما مررنا بقصر زينب إلا ... فضح الدمع سرّك المكتوما

  قال ماني: لولا رهبة الأمير لأضفت إلى هذين البيتين بيتين لا يردان على سمع سامع ذي لبّ فيصدران إلا عن استحسان لهما، فقال محمد: الرغبة في حسن ما تأتي به حائلة عن كلّ رهبة، فهات ما عندك، فقال:

  ظبية كالهلال لو تلحظ الصخر بطرف لغادرته هشيما وإذا ما تبسّمت خلت ما يبدو من الثّغر لؤلؤا منظوما

  مختار الشعر يكسبه طبيا:

  فقال محمد: إن أحسن الشعر ما دام الإنسان يشرب ما كان مكسوّا لحنا حسنا تغنّي به منوسة وأشباهها، فإن كسيت⁣(⁣١) شعرك من الألحان مثل ما غنّت قبله طاب، فقال: ذلك إليها.

  يصف منوسة:

  فقال له ابن طالوت: يا أبا الحسين⁣(⁣٢)، كيف هي عندك في حسنها وجمالها وغنائها / وأدبها؟ قال. هي غاية ينتهي إليها الوصف، ثم يقف، قال: قل في ذلك شعرا، فقال:

  وكيف صبر النفس عن غادة ... تظلمها إن قلت طاووسه

  وجرت إن شبّهتها بانة ... في جنّة الفردوس مغروسه

  وغير عدل إن عدلنا بها ... لؤلؤة في البحر منفوسه⁣(⁣٣)

  جلَّت عن الوصف فما فكرة ... تلحقها بالنعت محسوسه

  فقال له ابن طالوت: وجب شكرك يا ماني، فساعدك دهرك، وعطف عليك إلفك، ونلت سرورك، وفارقت محذورك، واللَّه يديم لنا ولك بقاء من ببقائه اجتمع شملنا، وطاب يومنا.

  إذا زرت فخفف:

  فقال ماني:

  مدمن التخفيف موصول ... ومطيل اللَّبث مملول


(١) لعلها تحريف فإن «أكسبت» شعرك ... إلخ.

(٢) في ف: «الحسن».

(٣) منفوسة: يتنافس ويرغب فيها.