خبر عبد الله بن يحيى وخروجه وقتله
  ٢٣ - خبر عبد اللَّه بن يحيى وخروجه ومقتله
  كان مجتهدا عابدا:
  / أخبرني بذلك الحسن بن عليّ الخفّاف، قال: حدّثنا أحمد بن الحارث الخرّاز عن المدائني عن محمد بن أبي محمد الخزامي، وخلَّاد بن يزيد، وعبد اللَّه بن مصعب، وعمرو بن هشام، وعبد اللَّه بن محمد الثّقفيّ، ويعقوب بن داود الثقفيّ، وحريم بن أبي يحيى:
  أن عبد اللَّه بن يحيى الكندي أحد بني عمرو بن معاوية كان من حضر موت، وكان مجتهدا عابدا، وكان يقول قبل أن يخرج: لقيني رجل، فأطال النظر إليّ، وقال: ممّن أنت؟ فقلت: من كندة، فقال: من أيّهم؟ فقلت: من بني شيطان، قال: واللَّه لتملكنّ، ولتبلغنّ خيلك وادي القرى(١)، وذلك بعد أن تذهب إحدى عينيك.
  إلى حضرموت:
  فذهبت أتخوّف ما قال، وأتسخير اللَّه، فرأيت باليمن جورا ظاهرا، وعسفا شديدا، وسيرة في الناس قبيحة، فقال لأصحابه: ما يحلّ لنا المقام على ما نرى، ولا يسعنا الصبر عليه، وكتب إلى عبيدة بن مسلم بن أبي كريمة(٢) الذي يقال له: كودين مولى بني تميم، وكان ينزل في الأزد، وإلى غيره من الإباضيّة بالبصرة يشاورهم في الخروج، فكتبوا إليه: إن استطعت ألا تقيم يوما واحدا فافعل، فإن المبادرة بالعمل الصالح أفضل، ولست تدري متى يأتي عليك أجلك؟ وللَّه خيرة من عباده يبعثهم إذا شاء لنصرة دينه، ويخصّ بالشهادة منهم من يشاء. وشخص إليه أبو حمزة المختار بن عوف الأزدي أحد بني سلمة، وبلج بن عقبة السّقوري في رجال من الإباضية، فقدموا عليه حضر موت، فحثّوه على الخروج، وأتوه بكتب أصحابه: إذا خرجتم فلا تغلَّوا، ولا تغدروا، واقتدوا بسلفكم الصالحين، وسيروا سيرتهم، فقد علمتم أن الَّذي أخرجهم على السلطان العيث لأعمالهم. / فدعا أصحابه، فبايعوه، فقصدوا دار الإمارة، وعلى حضر موت إبراهيم بن جبلة بن مخرمة الكنديّ، فأخذوه، فحبسوه يوما، ثم أطلقوه، فأتى صنعاء، وأقام عبد اللَّه بن يحيى بحضر موت، وكثر جمعه، وسمّوه «طالب الحق».
  ثم إلى صنعاء:
  فكتب إلى من كان من أصحابه بصنعاء: إني قادم عليكم، ثم استخلف على حضر موت عبد اللَّه بن سعيد الحضرميّ، وتوجّه إلى صنعاء سنة تسع وعشرين ومائة في ألفين، وبلغ القاسم بن عمر أخا يوسف بن عمر - وهو عامل مروان بن محمد على صنعاء - مسير عبد اللَّه بن يحيى، فاستخلف على صنعاء الضحّاك بن زمل، وخرج يريد
(١) وادي القرى: واد بين المدينة واشأم من أعمال المدينة كثير القرى.
(٢) ب: إلى أبي عبيدة ومسلمة بن أبي كريمة.