ذكر نسب القطامي وأخباره
  /
  أتاني ودوني الزّابيان(١) كلاهما ... ودجلة(٢) أنباء أمرّ من الصّبر
  أتاني بأن ابني نزار تهاديا ... وتغلب أولى بالوفاء وبالغدر
  فلما تبين الخبر قال:
  وجاؤا بجمع ناصري أمّ هيثم ... فما رجعوا من ذودها ببعير
  فلمّا بلغ ذلك قيسا أغارت على بني تغلب بإزاء الخابور(٣)، فقتلوا منهم ثلاثة نفر، واستاقوا خمسة وثلاثين بعيرا، فخرجت جماعة من تغلب، فأتوا زفر بن الحارث وذكروا له القرابة والجهوار، وهم بقرقيسيا، وقالوا: ائتنا برحالنا وردّ علينا نعمنا، فقال: أما النّعم فنردّها(٤) عليكم، أو ما قدرنا لكم عليه، ونكمل لكم نعمكم من نعمنا إن لم نصبها كلَّها، وندي لكم القتلى، قالوا له: فدع لنا قريات(٥) الخابور، ورحّل قيسا عنها، فإنّ هذه الحروب لن تطفأ ما داموا مجاورينا، فأبى ذلك زفر، وأبواهم أن يرضوا إلَّا بذلك، فناشدهم اللَّه وألحّ عليهم، فقال له رجل من النّمر كان معهم: واللَّه ما يسرّني أنّه وقاني حرب قيس كلب أبقع تركته في غنمي اليوم، وألحّ عليهم زفر يطلب إليهم ويناشدهم، / فأبوا فقال عمير: لا عليك، لا تكثر، فو اللَّه إنّي لأرى عيون قوم ما يريدون إلا محاربنك، فانصرفوا من عنده، ثم جمعوا جمعا، وأغاروا على ما قرب من قرقيسيا من قرى القيسيّة، فلقيهم عمير بن الحباب، فكان النّميريّ الذي تكلَّم عند زفر أول قتيل، وهزم التغلبيّين، فأعظم ذلك الحيّان جميعا قيس وتغلب، وكرهوا الحرب وشماتة العدوّ.
  فذكر سليمان بن عبد اللَّه بن الأصمّ:
  أنّ إياس بن الخرّاز، أحد بني عتيبة بن سعد بن زهير، وكان شريفا من عيون تغلب، دخل قرقيسيا لينظر ويناظر زفر فيما كان بينهم، فشدّ عليه يزيد بن بحزن(٦) القرشيّ فقتله، فتذمّم زفر من ذلك، وكان كريما مجمّعا لا يحب الفرقة، فأرسل إلى الأمير(٧) ابن قرشة بن عمرو بن ربعيّ بن زفر بن عتيبة بن بعج بن عتيبة(٨) بن سعد بن زهير بن جشم بن الأرقم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب، فقال له: هل لك أن تسود بني(٩) نزار فتقبل مني الدّية عن ابن عمّك؟ فأجابه إلى ذلك. وكان قرشة من أشراف بني تغلب، فتلافى زفر ما بين الحيّين، وأصلح بينهم، وفي الصدور ما فيها، فوفد عمير على المصعب بن الزبير، فأعلمه أنه قد أولج قضاعة بمدائن الشام، وأنه لم يبق إلا حيّ من ربيعة أكثرهم نصارى، فسأله أن يولَّيه عليهم، فقال: اكتب إلى زفر، فإن هو أراد ذلك وإلَّا ولَّاك، فلمّا قدم على زفر ذكر له ذلك فشقّ عليه ذلك، وكره أن يليهم عمير فيحيف بهم ويكون ذلك داعية إلى
(١) س: الرابيان. والزابيان: نهران بناحية الفرات، وقيل في سافلة الفرات ويسمى ما حولهما: الزوابي.
(٢) س: وداخلت أنباء ...
(٣) الخابور: اسم لنهر كبير بين رأس عين والفرات من أرض الجزيرة، وغلب اسمه على ولاية واسعة.
(٤) ج: فترد.
(٥) س: «قريات». وقريات هنا هي جمع قرية.
(٦) مكانه بياض في ج.
(٧) ج: «أمير».
(٨) ج: «عتبة».
(٩) ج: «ابني».