أخبار القحيف ونسبه
  جعدة، وأمره أن يأخذ صدقات بني كعب جميعا، فلمّا بلغهم خبره أرسلوا في أطرافهم(١) يستصرخون عليه(٢)، فأتاهم أبو لطيفة بن مسلمة العقيليّ في عالم من عقيل، فقتلوا المندلف وصلبوه، فقال القحيف في ذلك:
  /
  أتانا بالعقيق صريخ كعب ... فحنّ النّبع والأسل النّهال(٣)
  وحالفنا السّيوف ومضمرات ... سواء هنّ فينا والعيال(٤)
  تعادى شزّبا مثل السّعالي ... ومن زبر الحديد لها نعال(٥)
  وقال أيضا، ويروى(٦) لنجدة الخفاجيّ:
  لقد منع الفرائض عن عقيل ... بطعن تحت ألوية وضرب
  ترى(٧) منه المصدّق يوم وافى ... أطلّ على معاشره بصلب
  يقول لي المفتي / قال أبو عمرو في أخباره:
  ونظر بعض فقهاء(٨) أهل مكَّة إلى القحيف، وهو يحدّ النظر إلى امرأة، فنهاه عن ذلك، وقال له: أما تتّقي اللَّه(٩)؟ تنظر هذا النّظر إلى غير حرمة لك وأنت محرم(١٠)؟ فقال القحيف:
  أقسمت لا أنسى وإن شطَّت النّوى ... عرانينهنّ الشّمّ والأعين النّجلا
  / ولا المسك من أعطافهنّ ولا البرى ... ضممن وقد لوّينها قضبا خدلا(١١)
  يقول لي المفتي وهنّ عشيّة ... بمكة يلمحن المهدّبة السّحلا(١٢):
(١) خد: إلى أطرافهم.
(٢) ف: إليه.
(٣) العقيق: واد بالحجاز. الصريخ: المغيث، والمستغيث، من الأضداد.
النبع: شجر من أشجار الجبال تتخذ منه القسي. الأسل: جمع أسلة: نبت له أغصان كثيرة دقاق بلا ورق، ويطلق الأسل على الرماح تشبيها بهذا النبات في اعتداله وطوله واستوائه ودقة أطرافه ووصف الأسل بأنها نهال أي متعطشة إلى الدم فإذا شربت منه رويت والناهل من الأضداد: العطشان والريان.
(٤) ف: والبعال.
(٥) شزب جمع شازب وهو الضامر. زبر الحديد: قطع منه. وفي ج، س: في الوغى، بدل شزبا. وفي خد: تعادى بيننا بدل شزبا أيضا.
(٦) ف. وتروي.
(٧) ج: يرى.
(٨) خد: فقهاء مكة.
(٩) اللَّه تعالى.
(١٠) «وأنت محرم»: من ف.
(١١) البرى جمع برة وبروة - فيما حكاه سيبويه - وهي الحلقة من خلخال أو سوار. والخدل جمع خدلاء وهي من النساء الغليظة الساق المستديرتها، ويقال: مخلخلها خدل أي ضخم.
وفي خد، س: قصبا، والقصب: كل عظم مستدير أجوف وقد جاء في شعر ذي الرمة بمعنى عظام الساق، إذ قال:
جواعل في البرى قصبا خدالا
قال في «اللسان» (قصب): يعني عظام أسوقها أنها غليظة.
(١٢) ج: يرتحن بدل: يلمحن. وفي خد، يرمحن. وفي ف: المهربة بدل المهدبة، وهي ذات الأهداب. ويريد بالمهدبة السحل: الثياب البيض الرقيقة ذات الأهداب.