أخبار الحكم بن عبدل ونسبه
  حبس هو وأبو علية صاحبه فقال في ذلك شعرا
  أخبرني عمّي قال حدّثنا الكرانيّ، وأخبرني ابن عمّار قال حدّثني يعقوب بن نعيم قال حدّثنا أبو جعفر القرشيّ قال:
  كان للحكم بن عبدل صديق أعمى يقال له أبو عليّة، وكان ابن عبدل قد أقعد(١)، فخرجا ليلة من منزلهما إلى منزل بعض إخوانهما، والحكم يحمل وأبو عليّة يقاد، فلقيهما صاحب العسس بالكوفة فأخذهما فحبسهما، فلمّا استقرّا في الحبس نظر الحكم إلى عصا أبي عليّة موضوعة إلى جانب عصاه، فضحك وأنشأ يقول:
  حبسي وحبس أبي عليّ ... ة من أعاجيب الزمان
  أعمى يقاد ومقعد ... لا الرّجل منه ولا اليدان
  / هذا بلا بصر هنا ... ك وبي يخبّ الحاملان
  يا من رأى ضبّ الفلا ... ة قرين(٢) حوت في مكان
  طرفي وطرف أبي عليّ ... ة دهرنا متوافقان
  من يفتخر بجواده ... فجيادنا(٣) عكَّازتان
  طرفان لا علفا هما ... يشرى ولا يتصاولان
  هبني وإيّاه الحري ... ق أكان يسطع بالدّخان
  / قال: وكان اسم أبي عليّة يحيى، فقال فيه الحكم أيضا:
  أقول ليحيى ليلة الحبس سادرا(٤) ... ونومي به نوم الأسير المقيّد
  أعنّي على رعي النجوم ولحظها ... أعنك على تحبير شعر مقصّد(٥)
  ففي حالتينا عبرة وتفكَّر ... وأعجب شيء حبس أعمى ومقعد
  كلانا إذا العكَّاز فارق كفّه ... ينيخ صريعا أو على الوجه يسجد(٦)
  فعكَّازة تهدي(٧) إلى السّبل أكمها ... وأخرى مقام الرّجل قامت مع اليد
  ولي الشرطة والإمارة أعرجان ولقي سائلا أعرج فقال شعرا
  أخبرني محمد بن عمران الصّيرفيّ قال حدّثنا الحسن بن عليل قال حدّثني أحمد بن بكير الأسديّ قال حدّثني
(١) أقعد الرجل (بالبناء للمفعول): أصابه داء فلم يستطع المشي.
(٢) في ب، س: «مرين حوت» وهو تحريف.
(٣) كذا في ح، ط. وفي سائر النسخ: «فجوادنا».
(٤) السادر: المتحير الواجم.
(٥) شعر مقصد: مطوّل كثيرة أبياته.
(٦) في هذا البيت إقواء وهو اختلاف حركة بالرويّ بالرفع والكسر.
(٧) في جميع النسخ: «فعكازه يهدي الخ».