أخبار القتال ونسبه
  ابن سكن بن قريظ، وهي رحبة طولها تسعة أميال في ستة أميال، فأقطعه إيّاها، فأحماها ابنه جحوّش، فاسترعاه نفر من بني جعفر بن كلاب خيلهم(١) وفيهم أحدر بن بشر بن عامر بن مالك بن جعفر، فأرعاهم فحملوا نعمهم(٢) مع خيلهم بغير إذنه، فأخبر بذلك فغضب وأراد إخراجهم منه، فقاتلوه، فكانت بينهم شجاج بالعصيّ والحجارة، من غير رمي ولا طعان ولا تسايف، فظهر عليهم جحوّش، ثم تداعوا إلى الصّلح ومشت السّفراء بينهم على أن يدعوا جميعا الجراحات، فتواعدوا للصّلح بالغداة، وأخ لجحوّش يقال له سعيد(٣) في حلقه سلعة، وهو شنج متنحّ(٤) عن الحيّ عند امرأة من بني أبي بكر(٥) ترقبه، فرجع إلى أخيه ومعه رجلان من قومه، يقال لأحدهما: محرز بن يزيد، وللآخر: الأخدر بن الحارث، / فلقيهم قراد بن الأخدر بن بشر بن عامر بن مالك، وابن عمّه أبو ذرّ بن أشهل، ورجل آخر من الجعفريّين، فحمل قراد على سعيد(٦) فطعنه فقتله، فحذف محرز بن يزيد فرس قراد فعقرها، / فأردفه أبو ذرّ خلفه، ولحقوا بأصحابهم(٧) الجعفريين، وأوقد جحوّش بن عمرو نار الحرب في رأس جرعاء طويلة، فاجتمعت إليه بنو أبي بكر، وخرج فراد هاربا إلى بشر بن مروان، وهو ابن عمّته، حتّى إذا كان بالقنان(٨)، حميت عليه الشّمس، فأناخ إلى بيت امرأة من بني أسد، فقال(٩) في بيتها، فبينا هو نائم إذ نبّهته الأسدية فقالت له(١٠): ما دهاك ويحك؟ انظر إلى الطَّير تحوم حول ناقتك، فخرج يمشي إلى ناقته، فإذا هي قد خدجت، والطير تمزّق ولدها، فجاء فأخبرها، فقالت: إنّ لك لخبرا فأصدقني عنه، فلعلَّه أن يكون لك فيه فائدة، فأخبرها أنّه مطلوب بدم، فهو هارب طريد، قالت: فهل وراءك أحد تشفق(١١) عليه؟ فقال: أخ لي يقال له جبأة(١٢) وهو أحبّ الناس إليّ. قالت: فإنّه في أيدي أعدائك، فارجع أو امض، فخرج لوجهه إلى بشر.
  قال: ولما حرّض القتّال قومه على الطَّلب بثأرهم في الجعفريّين وعيّرهم بالقعود عنهم(١٣) مضى جميعهم لقتال بني جعفر، فقال لهم الجعفريّون: يا قومنا، ما لنا في قتالكم / حاجة(١٤)، وقاتل صاحبكم قد هرب وهذا أخوه جبأة، فاقتلوه(١٥)، فرضوا بذلك فأخذوا جبأة(١٦)، فلما صاروا بأسود العين قدّمه جحوّش فضرب عنقه بأخيه سعيد(١٧).
(١) من أول: خيلهم إلى جعفر: ساقط من ج، س.
(٢) س: «أنعمهم».
(٣) س: «سعد».
(٤) ج، خد، س: «وهو متنح»، ولم تذكر: شنج.
(٥) س: «من بني بكر».
(٦) س: «سعد».
(٧) س: «بأصحابه».
(٨) س: «بالقفار»، خد: «بالصنان». ج: بالغيار.
(٩) فقال: قضى وقت القيلولة.
(١٠) «له»: لم تذكر في خد.
(١١) خد: «يشفق عليه».
(١٢) خد: «حناه».
(١٣) خد: «عنه».
(١٤) خد: «قتالهم حاجة».
(١٥) ج: «فاقتربوه»، خد: «فاسترقوه».
(١٦) س: «جباها»، خد: «حناة».
(١٧) س: «سعد».