كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب الراعي وأخباره

صفحة 333 - الجزء 24

  ١٦ - أخبار عمار ذي كبار ونسبه

  اسمه ونسبه

  هو عمّار بن عمرو بن عبد الأكبر يلقّب ذا كبار، همدانيّ صليبة، كوفيّ، وجدت ذلك في كتاب محمد بن عبد اللَّه الحزنبل.

  وكان ليّن الشّعر ماجنا خمّيرا معاقرا للشراب، وقد حدّ فيه مرّات، وكان يقول شعرا ظريفا يضحك من أكثره، شديد التّهافت⁣(⁣١) جمّ السخف، وله أشياء صالحة نذكر أجودها في هذا الموضع من أخباره ومنتخب أشعاره؛ وكان هو وحمّاد الراوية ومطيع بن إياس يتنادمون ويجتمعون على شأنهم لا يفترقون، وكلهم كان متّهما بالزّندقة.

  لم يبرح الكوفة ولم ينتجع أحدا

  وعمّار ممّن نشأ في دولة بني أميّة، ولم أسمع له بخبر في الدّولة العباسية، ولا كان مع شهوة النّاس لشعره واستطابتهم إياه ينتجع أحدا ولا يبرح الكوفة لعشاء بصره وضعف نظره⁣(⁣٢).

  فأخبرني به محمد بن مزيد قال: حدّثنا حمّاد بن إسحاق، عن أبيه، عن الهيثم بن عديّ عن حمّاد الرّاوية، وأخبرني به محمد بن خلف بن المرزبان قال: حدّثنا أحمد بن الهيثم الفراسيّ⁣(⁣٣) قال: حدّثنا العمري⁣(⁣٤) عن الهيثم بن عدي عن حماد الرواية، ولفظ الرجلين كالمتقارب⁣(⁣٤) قال:

  استقدمني هشام بن عبد الملك في خلافته، وأمر لي بصلة سنيّة وحملان⁣(⁣٥) لما دخلت عليه استنشدني قصيدة الأفوه الأوديّ:

  /

  لنا معاشر لم يبنوا لقومهم ... وإن بني قومهم ما أفسدوا عادوا

  قال: فأنشدته إياها، ثم استنشدني قول أبي ذؤيب الهذليّ:

  أمن البنون وريبها تتوجّع

  فأنشدته إيّاها، ثم استنشدني قول عديّ بن زيد:

  أرواح مودّع أم بكور

  فأنشدته إياها، فأمر لي بمنزل وجراية، وأقمت عنده شهرا، فسألني عن أشعار العرب وأيامها ومآثرها


(١) خد: «شديد التفاوت».

(٢) «المختار»: «لضعف بصره وعشاء نظره». وفي «التجريد»: «لغشاء بصره».

(٣) خد: «الراسبي».

(٤ - ٤) تكملة من ف، خد.

(٥) الحملان: ما يحمل عليه من الدواب من الهبات.