كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الحكم بن عبدل ونسبه

صفحة 615 - الجزء 2

  محمد بن عمر الجرجانيّ عن رجل من بني أسد قال:

  خرج يزيد بن عمر بن هبيرة يسير بالكوفة فانتهى إلى مسجد بني غاضرة، وأقيمت الصلاة، فنزل يصلَّي، واجتمع الناس لمكانه في الطريق وأشرف النساء من السطوح، فلما قضى صلاته قال: لمن هذا المسجد؟ قالوا:

  لبني غاضرة، فتمثل قول الشاعر:

  ما إن تركن من الغواضر معصرا ... إلا فصمن⁣(⁣١) بساقها خلخالا

  فقالت له امرأة من المشرفات:

  ولقد عطفن على فزارة عطفة ... كرّ المنيح⁣(⁣٢) وجلن ثمّ مجالا

  فقال يزيد: من هذه؟ فقالوا: بنت الحكم بن عبدل؛ فقال: هل تلد الحيّة إلا حيّة! وقام خجلا.

  ابن عبدل وصاحب العسس

  / أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال حدّثني أحمد بن الهيثم قال حدّثنا العمريّ عن عطاء بن مصعب عن عاصم بن الحدثان قال:

  كان ابن عبدل الأسديّ أعرج أحدب، وكان من أطيب الناس وأملحهم، فلقيه صاحب العسس ليلة وهو سكران محمول في محفّة⁣(⁣٣)؛ فقال له: من أنت؟ فقال له: يا بغيض، أنت أعرف بي من أن تسألني من أنا، فاذهب إلى شغلك، فإنّك تعلم أن اللصوص لا يخرجون بالليل للسّرقة محمولين في محفّة؛ فضحك الرجل وانصرف عنه.

  ابن عبدل يعرض بابن هبيرة في شعر حتى أغضبه

  أخبرني هاشم بن محمّد قال حدّثنا العبّاس⁣(⁣٤) بن ميمون طائع قال حدّثني أبو عدنان عن الهيثم بن عديّ عن ابن عيّاش قال:

  رأيت ابن عبدل الأسديّ وقد دخل على ابن هبيرة، فقال له: أنشدني شيئا فقال: أنشدك مقولة أيها الأمير؟

  قال: هات؛ فأنشده هذه الأبيات - وهي قديمة وقد تمثّل بها ابن الأشعث حين خرج، ويروى أنها لأعشى همدان -

  نجمّ⁣(⁣٥) ولا نعطى وتعطى جيوشهم ... وقد ملئوا من مالنا ذا الأكارع

  وقد كلَّفونا عدّة وروائعا ... فقد وأبي رعناكم بالرّوائع

  ونحن جلبنا الخيل من ألف فرسخ ... إليكم بمجمرّ من الموت ناقع

  قال: فغضب ابن هبيرة من تعريضه به، وقال به: واللَّه لولا أنّي قد أمّنتك واستنشدتك لضربت عنقك.


(١) كذا فيء، ط. وفي سائر النسخ: «قصمن» بالقاف، والفرق بين الفصم والقصم أن القصم كسر من غير بينونة، والقصم هو أن ينكسر الشيء فيبين.

(٢) المنيح: اسم فرس قيس بن مسعود الشيبانيّ.

(٣) المحفة: مركب من مراكب النساء كالهودج.

(٤) في ح: «العباس بن محمد بن طائع».

(٥) في ط. «نجمر لا نعطي الخ».