أخبار الحكم بن عبدل ونسبه
  أصبحت جمّ بلابل(١) الصّدر ... متعجّبا لتصرّف الدّهر
  ما زلت أطلب في البلاد فتى ... ليكون لي ذخرا من الذّخر
  ويكون يسعدني وأسعده ... في كلّ نائبة من الأمر
  حتى إذا ظفرت يداي به ... جاء القضاء بحينه يجري
  إنّي لفي هم يباكرني ... منه وهمّ طارق يسري
  فلأصبرنّ وما(٢) رأيت دوى(٣) ... للهمّ غير(٤) عزيمة الصبر
  واللَّه ما استعظمت(٥) فرقته ... حتى أحاط بفضله خبري
  خرج مع عمال بني أمية إلى الشام وكان يسمر عند عبد الملك فأنشده ليلة شعرا
  أخبرني ابن دريد قال حدّثني عمّي عن أبيه عن ابن الكلبيّ قال:
  لما ظفر ابن الزّبير بالعراق وأخرج عنها عمّال بني أميّة خرج ابن عبدل معهم إلى الشام، وكان ممّن يدخل إلى عبد الملك ويسمر عنده، فقال لعبد الملك ليلة:
  يا ليت شعري وليت ربّما نفعت ... هل ابصرنّ بني العوّام قد شملوا
  بالذّل والأسر والتشريد إنهم ... على البريّة حتف حيثما نزلوا
  أم هل أراك بأكناف العراق وقد ... ذلَّت لعزّك أقوام(٦) وقد نكلوا
  فقال عبد الملك - ويروى أنه قائل هذا الشعر -:
  إن يمكن اللَّه من قيس ومن جدس(٧) ... ومن جذام ويقتل صاحب الحرم
  نضرب جماجم أقوام على حنق ... ضربا ينكَّل عنّا سائر(٨) الأمم
  يزيد بن عمر بن هبيرة وبنت ابن عبدل
  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش قال حدّثني هارون بن(٩) عليّ بن يحيى المنجّم عن أبيه قال حدّثني
(١) البلابل: جمع بلبال وهو شدّة الهمّ الوسواس في الصدر.
(٢) فيء، أ، م: «فما».
(٣) الدوي بالياء مقصورا: الدواء، وقد أنشد عليه صاحب «اللسان» في مادة «دوا»:
إلا المقيم على الدوي المتأفن
(٤) في هامش ط، أشير بإزاء «غير عزيمة الصبر» إلى رواية أخرى وهي: «مثل عزيمة الصبر». وكلتا الروايتين مستقيمة.
(٥) في ط، أ، م: «ما استطعمت» وقد أشير في هامش ط إلى الرواية المثبتة هنا أيضا.
(٦) في ح: «أعداء».
(٧) كذا في ب، س، ح. وجدس: بطن من كندة. وفي أ، م: «جرش» بالجيم وجرش (بضم ففتح): بطن من حمير. وفيء، ط: «حرش» بالحاء المهملة. وحرش: اسم لعدّة قبائل. ولا نستطيع ترجيح إحدى هذه الروايات.
(٨) كذا فيء، ويشير إلى صحته ما بهامش ط. وفي باقي الأصول: «غابر الأمم». والغابر يطلق على الماضي والباقي، فهو من الأضداد.
(٩) كذا في أ، م، ح. وفي باقي النسخ: «هارون بن يحيى المنجم».