أخبار الحكم بن عبدل ونسبه
  من فقد(١) بيضاء غادة كملت ... كأنها صورة من الصّور
  أصبحت من أهلي الغداة ومن ... مالي على مثل ليلة الصّدر(٢)
  فبلغ خبره عبد الملك بن بشر فأعطاهم مالهم عليه وأضعفه له؛ فقال فيه:
  لمّا أتاه الذي أصبت به ... وأنشدوه إيّاه في شعري
  جاد بضعفي ما حلّ من غرمي ... عفوا فزالت حرارة الصّدر
  لأشكرنّ الذي مننت به ... ما دمت حيّا وطال لي عمري
  فضله الحجاج في الجائزة على الشعراء
  وقال محمد بن سهل بهذا الإسناد: اجتمع الشعراء إلى الحجّاج وفيهم ابن عبدل، فقالوا للحجاج: إنما شعر ابن عبدل كلَّه هجاء وشعر سخيف؛ فقال له: قد سمعت قولهم فاستمع منّي؛ قال هات فأنشده قوله:
  وإنّي لأستغني فما أبطر(٣) الغنى ... وأعرض ميسوري لمن يبتغي قرضي
  وأعسر أحيانا فتشتدّ عسرتي ... فأدرك ميسور الغنى ومعي عرضي
  حتى انتهى إلى قوله.
  ولست بذي وجهين فيمن عرفته ... ولا البخل فاعلم من سمائي ولا أرضي
  فقال له الحجاج: أحسنت! وفضّله في الجائزة عليهم بألفي(٤) درهم.
  أحد الأصوات المائة المختارة
  صوت من المائة المختارة
  أجدّ بعمرة غنيانها ... فتهجر أم شأننا شأنها
  فإن تمس شطَّت بها دارها ... وباح لك اليوم هجرانها
  فما روضة من رياض القطا(٥) ... كأنّ المصابيح حوذانها(٦)
(١) كذا في ح. وفي باقي الأصول: «وفقد» وهو تحريف.
(٢) يقال: تركته على مثل ليلة الصدر، أي مضطربا كالناس حين يصدرون عن حجهم.
(٣) البطر: الطغيان عند النعمة. ونصب الغنى على إسقاط الخافض، وبذلك أوّل قوله تعالى: {وكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها}، قال صاحب «اللسان»: «وتأويله: بطرت في معيشتها، فحذف وأوصل. قال أبو إسحاق: نصب معيشتها بإسقاط في وعمل الفعل، وتأويله:» بطرت في معيشتها «أه.
(٤) في ط: «بألف».
(٥) ورد في «أشعار العرب» «رياض القطا» و «روض القطا» وقد ساق ياقوت في «معجم البلدان» عند اسم روضة القطا نبذة من هذه الأشعار، ثم نقل عن أبي جعفر محمد بن إدريس ما يدل على أنه من أرض اليمامة.
(٦) الحوذان بالفتح: نبات سهليّ حلو طيب الطعم يرتفع قدر الذراع، له زهرة حمراء في أصلها صفرة وورقته مدوّرة.