ذكر الدارمي وخبره ونسبه
  من تسألن منذ اليوم؟ هذا الدارميّ السأل. ثم أنشدت:
  إذا كنت لا بدّ مستطعما ... فدع عنك من كان يستطعم
  فولَّى الدارميّ هاربا منهنّ وهنّ يتضاحكن به.
  الدارمي والأوقص القاضي:
  أخبرني حبيب بن نصر المهلَّبيّ قال أخبرني أحمد بن أبي خيثمة قال حدّثنا مصعب الزبيريّ قال:
  أتى الدارميّ الأوقص القاضي بمكَّة في شيء فأبطأ عليه فيه، وحاكمه إليه خصم له في حقّ، فحبسه به حتى أدّاه إليه. فبينا الأوقص يوما في المسجد الحرام يصلَّي ويدعو ويقول: يا ربّ أعتق رقبتي من النار، إذ قال له الدارميّ والناس يسمعون: أولك رقبة تعتق! لا واللَّه ما جعل اللَّه، وله الحمد، لك من عتق ولا رقبة! فقال له الأوقص: ويلك! ومن أنت؟ قال: أنا الدارميّ، حبستني وقتلتني؛ قال: لا تقل ذلك وأتني فإني أعوّضك؛ فأتاه ففعل ذلك به.
  نادرة له مع عبد الصمد بن علي:
  أخبرني الحرميّ أحمد بن محمد بن إسحاق قال حدّثني الزّبير بن بكَّار قال حدّثني عمّي قال:
  مدح الدارميّ عبد الصمد بن عليّ بقصيدة واستأذنه في الإنشاد فأذن له؛ فلما فرغ أدخل إليه رجل من الشّراة(١)؛ فقال لغلامه: أعط هذا مائة دينار واضرب عنق / هذا؛ فوثب الدارميّ فقال: بأبي أنت وأمي! برّك وعقوبتك جميعا نقد! فإن رأيت أن تبدأ بقتل هذا، فإذا فرغ منه أمرته فأعطاني! فإني لن أريم من حضرتك حتى يفعل ذلك؛ قال: ولم ويلك؟ قال: أخشى أن يغلط فيما بيننا، والغلط في هذا لا يستقال؛ فضحك وأجابه إلى ما سأل.
  نادرة له في مرضه:
  أخبرني الحرميّ قال حدّثنا الزّبير قال حدّثني عمّي قال:
  أصابت الدارميّ قرحة في صدره، فدخل إليه بعض أصدقائه يعوده. فرآه قد نفث / من فيه نفثا أخضر، فقال له: أبشر، قد اخضرّت القرحة وعوفيت؛ فقال: هيهات! واللَّه لو نفثت كلّ زمرّدة في الدنيا ما أفلتّ منها.
  صوت من المائة المختارة
  يا ربع سلمى لقد هيّجت لي طربا ... زدت الفؤاد على علَّاته وصبا
  ربع تبدّل ممّن كان يسكنه ... عفر الظَّباء وظلمانا به عصبا(٢)
  الشعر لهلال بن الأسعر المازنيّ، أخبرني بذلك وكيع عن حمّاد بن إسحاق عن أبيه. وهكذا هو في رواية عمرو بن أبي عمرو الشّيبانيّ. ومن لا يعلم ينسبه إلى عمر ابن أبي ربيعة وإلى الحارث بن خالد ونصيب، وليس
(١) الشراة: الخوارج، سموا بذلك لقولهم: «إننا شرينا أنفسنا في طاعة اللَّه» أي بعناها بالجنة.
(٢) الظلمان (بالضم والكسر): جمع ظليم وهو ذكر النعام. والعصب: الجماعات.