أخبار عروة بن الورد ونسبه
  كمأخذنا حسناء كرها ودمعها ... غداة اللَّوي معصوبة يتصبّب
  خرج ليغير فمنعته امرأته فعصاها وقال في ذلك شعرا:
  وقال ابن الأعرابيّ: أجدب ناس من بني عبس في سنة أصابتهم فأهلكت أموالهم وأصابهم جوع شديد وبؤس، فأتوا عروة بن الورد فجلسوا أمام بيته، فلمّا بصروا به صرخوا وقالوا: يا أبا الصّعاليك، أغثنا؛ فرقّ لهم وخرج ليغزو بهم / ويصيب معاشا، فنهته امرأته عن ذلك لما تخوّفت عليه من الهلاك، فعصاها وخرج غازيا، فمرّ بمالك بن حمار الفزاريّ ثم الشّمخيّ(١)؛ فسأله: أين يريد؟ فأخبره، فأمر له بجزور فنحرها فأكلوا منها؛ وأشار عليه مالك أن يرجع، فعصاه ومضى حتّى انتهى إلى بلاد بني القين، فأغار عليهم فأصاب هجمة(٢) عاد بها على نفسه وأصحابه؛ وقال في ذلك:
  أرى أمّ حسّان الغداة تلومني ... تخوّفني الأعداء والنّفس أخوف
  تقول سليمى لو أقمت لسرّنا ... ولم تدر أنّى للمقام أطوّف
  لعلّ الذي خوّفتنا من أمامنا ... يصادفه في أهله المتخلَّف
  وهي طويلة.
  وقال في ذلك أيضا:
  أليس ورائي أن أدبّ على العصا ... فيشمت(٣) أعدائي ويسأمني أهلي
  رهينة قعر البيت كلّ عشيّة ... يطيف بي(٤) الولدان أهدج(٥) كالرّأل
  أقيموا بني لبنى صدور ركابكم ... فكلّ منايا النّفس(٦) خير من الهزل(٧)
  فإنكم لن تبلغوا كلّ همّتي ... ولا أربى(٨) حتّى تروا منبت الأثل(٩)
  / لعلّ ارتيادي في البلاد وحيلتي(١٠) ... وشدّي حيازيم المطيّة بالرّحل
  سيدفعني يوما إلى ربّ هجمة ... يدافع عنها بالعقوق وبالبخل
(١) انظر الكلام عليه في الحاشيتين رقم ٢، ٣ ص ٣٢٩ من الجزء الثاني من هذا الكتاب.
(٢) انظر الكلام عليه في الحاشية رقم ٣ ص ٧٩ من هذا الجزء.
(٣) في «ديوان الحماسة» «فيأمن».
(٤) في «ديوان الحماسة»: «يلاعبني الولدان».
(٥) أهدج: وصف من الهدج أو الهدجان، وهو اضطراب المشي من الكبر. ولهذا سموا مشية الشيخ هدجانا. والرأل: ولد النعام أو حوليه. وشبه الشيخ به في مشيته لأن في مشيته ارتعاشا، يقال: هدج الظليم يهدج هدجانا إذا مشى وعدا في ارتعاش.
(٦) في ط: «فكل منايا القوم». وفي «ديوان الحماسة»:
فإن منايا القوم شر من الهزل
وهو لا يؤدّي المعنى المراد.
(٧) الهزل: الضعف وقلة الشحم واللحم وهو نقيض السمن.
(٨) في ط، ء، أ، م: «أربتي».
(٩) يريد بلاد بني القين وفي «ديوان الحماسة»: «منبت النخل» وهو بيثرب.
(١٠) الرواية فيما تقدّم ص ٧٩: «وبغيتي».