ذكر ذي الإصبع العدواني ونسبه وخبره
  وانزل إلى الهيجا إذا ... أبطالها كرهوا النزولا
  وإذا دعيت إلى المه ... مّ فكن لفادحه حمولا
  استنشد معاوية قيسيا شعره وزاد في عطائه:
  أخبرني عمّي قال حدّثنا الكرانيّ قال حدّثنا العمريّ عن العتبيّ قال:
  جرى بين عبد اللَّه بن الزّبير وعتبة بن أبي سفيان لحاء(١) بين يدي معاوية، فجعل ابن الزبير يعدل بكلامه عن عتبة ويعرّض بمعاوية، حتى أطال وأكثر [من ذلك](٢)، فالتفت إليه معاوية متمثّلا وقال:
  /
  ورام بعوران(٣) الكلام كأنها ... نوافر صبح نفّرتها المراتع
  وقد يدحض(٤) المرء الموارب بالخنا ... وقد تدرك المرء الكريم المصانع
  ثم قال لابن الزّبير: من يقول هذا؟ فقال: ذو الإصبع؛ فقال: أترويه؟ قال لا؛ فقال: من هاهنا يروي هذه الأبيات؟ فقام رجل من قيس فقال: أنا أرويها يا أمير المؤمنين؛ فقال: أنشدني؛ فأنشده حتى أتى على قوله:
  وساع برجليه لآخر قاعد ... ومعط كريم ذو يسار ومانع
  وبان لأحساب الكرام وهادم ... وخافض مولاه سفاها ورافع
  ومغض على بعض الخطوب(٥) وقد بدت ... له عورة من ذي القرابة ضاجع
  وطالب حوب باللسان وقلبه ... سوى(٦) الحقّ لا تخفى عليه الشرائع
  فقال له معاوية: كم عطاؤك؟ قال: سبعمائة؛ قال: اجعلوها ألفا، وقطع الكلام بين عبد اللَّه وعتبة.
  شعره في ابن عمه وقد عاداه:
  قال أبو عمرو(٧): وكان لذي الإصبع ابن عمّ يعاديه فكان يتدسّس إلى مكارهه / ويمشي(٨) به إلى أعدائه ويؤلَّب عليه ويسعى بينه وبين بني عمّه ويبغيه عندهم شرّا؛ فقال فيه - وقد أنشدنا الأخفش هذه الأبيات [أيضا](٩) عن ثعلب والأحول السّكري:
  /
  يا صاحبيّ قفا قليلا ... وتخبّرا عنّي لميسا
(١) اللحاء: المنازعة.
(٢) الزيادة عن ط، ء.
(٣) كذا في أكثر النسخ وكذلك أصلحه الأستاذ الشنقيطي بهامش نسخته طبع بولاق وورد كذلك في «اللسان» مادة عور. وعوران الكلام:
ما تنفيه الأذن، الواحدة عوراء (انظر «اللسان» مادة عور) وفي ب، س: «بعورات».
(٤) كذا فيء، ط، أ: «ويدحض: يزلق ويزل». وفي سائر النسخ: «يرخص».
(٥) في ب، س: «الخصوم».
(٦) سوى الحق: وسطه، يعني أن قلبه ملازم الحق.
(٧) كذا فيء، ط. وفي سائر النسخ: «ابن عمر».
(٨) فيء، ط: «ويشي».
(٩) الزيادة عن ط، ء.