كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر ذي الإصبع العدواني ونسبه وخبره

صفحة 71 - الجزء 3

  وانزل إلى الهيجا إذا ... أبطالها كرهوا النزولا

  وإذا دعيت إلى المه ... مّ فكن لفادحه حمولا

  استنشد معاوية قيسيا شعره وزاد في عطائه:

  أخبرني عمّي قال حدّثنا الكرانيّ قال حدّثنا العمريّ عن العتبيّ قال:

  جرى بين عبد اللَّه بن الزّبير وعتبة بن أبي سفيان لحاء⁣(⁣١) بين يدي معاوية، فجعل ابن الزبير يعدل بكلامه عن عتبة ويعرّض بمعاوية، حتى أطال وأكثر [من ذلك]⁣(⁣٢)، فالتفت إليه معاوية متمثّلا وقال:

  /

  ورام بعوران⁣(⁣٣) الكلام كأنها ... نوافر صبح نفّرتها المراتع

  وقد يدحض⁣(⁣٤) المرء الموارب بالخنا ... وقد تدرك المرء الكريم المصانع

  ثم قال لابن الزّبير: من يقول هذا؟ فقال: ذو الإصبع؛ فقال: أترويه؟ قال لا؛ فقال: من هاهنا يروي هذه الأبيات؟ فقام رجل من قيس فقال: أنا أرويها يا أمير المؤمنين؛ فقال: أنشدني؛ فأنشده حتى أتى على قوله:

  وساع برجليه لآخر قاعد ... ومعط كريم ذو يسار ومانع

  وبان لأحساب الكرام وهادم ... وخافض مولاه سفاها ورافع

  ومغض على بعض الخطوب⁣(⁣٥) وقد بدت ... له عورة من ذي القرابة ضاجع

  وطالب حوب باللسان وقلبه ... سوى⁣(⁣٦) الحقّ لا تخفى عليه الشرائع

  فقال له معاوية: كم عطاؤك؟ قال: سبعمائة؛ قال: اجعلوها ألفا، وقطع الكلام بين عبد اللَّه وعتبة.

  شعره في ابن عمه وقد عاداه:

  قال أبو عمرو⁣(⁣٧): وكان لذي الإصبع ابن عمّ يعاديه فكان يتدسّس إلى مكارهه / ويمشي⁣(⁣٨) به إلى أعدائه ويؤلَّب عليه ويسعى بينه وبين بني عمّه ويبغيه عندهم شرّا؛ فقال فيه - وقد أنشدنا الأخفش هذه الأبيات [أيضا]⁣(⁣٩) عن ثعلب والأحول السّكري:

  /

  يا صاحبيّ قفا قليلا ... وتخبّرا عنّي لميسا


(١) اللحاء: المنازعة.

(٢) الزيادة عن ط، ء.

(٣) كذا في أكثر النسخ وكذلك أصلحه الأستاذ الشنقيطي بهامش نسخته طبع بولاق وورد كذلك في «اللسان» مادة عور. وعوران الكلام:

ما تنفيه الأذن، الواحدة عوراء (انظر «اللسان» مادة عور) وفي ب، س: «بعورات».

(٤) كذا فيء، ط، أ: «ويدحض: يزلق ويزل». وفي سائر النسخ: «يرخص».

(٥) في ب، س: «الخصوم».

(٦) سوى الحق: وسطه، يعني أن قلبه ملازم الحق.

(٧) كذا فيء، ط. وفي سائر النسخ: «ابن عمر».

(٨) فيء، ط: «ويشي».

(٩) الزيادة عن ط، ء.