أخبار بشار بن برد ونسبه
  فلا يحسب البيض الأوانس أنّ في ... فؤادي سوى سعدى لغانية فضلا
  فأقسم إن كان الهوى غير بالغ ... بي القتل من سعدى لقد جاوز القتلا
  فيا صاح خبّرني الذي أنت صانع ... بقاتلتي ظلما وما طلبت ذحلا(١)
  سوى أنّني في الحبّ بيني وبينها ... شددت على أكظام(٢) سرّ لها قفلا
  - وذكر أحمد بن المكيّ أنّ لإسحاق في هذه الأبيات ثقيلا أوّل بالوسطى - فاستحسنت القصيدة وقلت: يا أبا معاذ، قد واللَّه أجدت وبالغت، فلو تفضّلت بأن تعيدها! فأعادها على خلاف ما أنشدنيها في المرّة الأولى، فتوهّمت أنه قالها في تلك الساعة.
  حاوره أحمد بن خلاد في ميله إلى الإلحاد:
  أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدّثني أحمد بن خلَّاد(٣) قال حدّثني أبي قال:
  كنت أكلَّم بشّارا وأردّ عليه سوء مذهبه بميله إلى الإلحاد، فكان يقول: لا أعرف إلا ما عاينته أو عاينت مثله؛ وكان الكلام يطول بيننا، فقال لي: ما أظنّ الأمر يا أبا خالد(٤) إلا كما تقول، وأن الذي نحن فيه خذلان، ولذلك أقول:
  طبعت على ما فيّ غير مخيّر ... هواي ولو خيّرت كنت المهذّبا
  أريد فلا أعطي وأعطى(٥) ولم أرد ... وقصّر علمي أن أنال المغيّبا
  فأصرف عن قصدي وعلمي مقصّر ... وأمسي وما أعقبت إلا التعجّبا
  عاتب بشعر فتى من آل منقر بعث إليه في الأضحية بنعجة عجفاء:
  أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثني ابن مهرويه قال حدّثني أحمد بن خلَّاد بن المبارك قال حدّثني أبي قال:
  كان بالبصرة فتى من بني منقر أمّه عجليّة، وكان يبعث إلى بشّار في كل أضحيّة بأضحيّة من الأضاحي التي كان أهل البصرة يسمّنونها سنة وأكثر للأضاحي ثم تباع الأضحيّة بعشرة دنانير، ويبعث معها بألف درهم؛ قال: فأمر وكيله في بعض السنين أن يجريه على رسمه، فاشترى له نعجة كبيرة غير سمينة وسرق باقي الثمن، وكانت نعجة عبدليّة من نعاج عبد اللَّه بن دارم وهو نتاج مرذول، فلما أدخلت عليه قالت له جاريته ربابة: ليست هذه الشاة من الغنم التي كان يبعث بها إليك؛ فقال: أدنيها منّي فأدنتها ولمسها بيده ثم قال: اكتب يا غلام:
  /
  وهبت لنا يا فتى منقر ... وعجل وأكرمهم أولا
(١) الذحل: الثأر.
(٢) كذا فيء، ح، وأكظام بالظاء: جمع كظم (بالفتح) وهو مخرج النفس. وفي باقي النسخ: «أكضام» بالضاد، وهو تحريف.
(٣) هكذا ورد هذا الاسم في جميع الأصول فيما تقدّم في أخبار بشار وفيما سيأتي من أخباره بعد، وقد ورد في هذا الموضع في جميع الأصول «خالد»، فلعله محرّف عما أثبتناه إذ هو الذي يروي عنه ابن مهرويه في جميع المواضع التي ورد فيها.
(٤) في ح: «يا أبا مخلد».
(٥) في ب، س، ح: «فلم أرد» بالفاء.