أخبار بشار بن برد ونسبه
  قال: وقال أيضا في ذلك:
  قد تبع الأعمى قفا عجرد ... فأصبحا جارين في دار
  قالت بقاع الأرض لا مرحبا ... بروح حمّاد وبشّار
  / تجاورا بعد تنائيهما ... ما أبغض الجار إلى الجار
  صارا جميعا في يدي مالك ... في النّار والكافر في النار
  قال أبو أحمد يحيى بن عليّ وأخبرنا بعض إخواني عن عمر بن محمّد عن أحمد بن خلَّاد عن أبيه قال:
  مات بشّار سنة ثمان وستين ومائة وقد بلغ نيّفا وسبعين(١) سنة.
  ندم المهديّ على قتله:
  أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال:
  لمّا ضرب المهديّ بشّارا بعث إلى منزله من يفتّشه، وكان يتّهم بالزندقة فوجد. في منزله طومار(٢) فيه:
  بِسْمِ أللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إني أردت هجاء آل سليمان بن عليّ لبخلهم فذكرت قرابتهم من رسول اللَّه ﷺ / فأمسكت عنهم إجلالا له ﷺ، على أنّي قد قلت فيهم:
  دينار آل سليمان ودرهمهم ... كالبابليّين(٣) حفّا بالعفاريت
  لا يبصران ولا يرجى لقاؤهما ... كما سمعت بهاروت وماروت(٤)
  فلما قرأه المهديّ بكى وندم على قتله، وقال: لا جزى اللَّه يعقوب بن داود خيرا، فإنّه لمّا هجاه لفّق عندي شهودا على أنّه زنديق فقتلته ثمّ ندمت حين لا يغني النّدم.
  / أخبرني محمّد بن خلف بن المرزبان قال حدّثنا عمر بن محمّد بن عبد الملك قال حدّثني محمد بن هارون قال:
  لمّا نزل المهديّ البصرة كان معه حمدويه صاحب الزّنادقة فدفع إليه بشّارا وقال: اضربه ضرب التلف، فضربه ثلاثة عشر سوطا، فكان كلَّما ضربه سوطا قال له: أوجعتني ويلك! فقال: يا زنديق، أتضرب ولا تقول: باسم اللَّه! قال: ويلك! أثريد هو فأسمّي(٥) [اللَّه] عليه! قال: ومات من ذلك الضّرب.
  ولبشّار أخبار كثيرة قد ذكرت في عدّة مواضع: منها أخباره مع عبدة فإنّها أفردت في بعض شعره فيها الذي
(١) كذا في أكثر الأصول، وفي ح: «وتسعين» ومثل هذا ورد في «معاهد التنصيص» ص ١٣٧ طبع بولاق.
(٢) الطومار كالطامور: الصحيفة، قال ابن سيدة: قيل هو دخيل، وأراه عربيا محضا لأن سيبويه قد اعتدّ به في الأبنية فقال: هو ملحق بفسطاط (انظر «لسان العرب» مادة «طمر»).
(٣) نسبة إلى بابل وهي ناحية منها الكوفة والحلَّة ينسب إليها السحر والخمر.
(٤) هاروت وماروت: ملكان، وقد ورد ذكرهما في القرآن الكريم في قوله تعالى: {وما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ ومارُوتَ}.
(٥) زيادة في ح.