أخبار عبد الرحيم الدفاف ونسبه
  قال لي عبد الرحيم بن القاسم الدفّاف: دخلت على عليّ بن ريطة يوما وستارته منصوبة، فغنّت جاريته:
  أناس أمنّاهم فنموا حديثنا ... فلما كتمنا السرّ عنهم تقوّلوا
  فقلت: أرأيت إن غنّيتك هذا الصوت وفي تمامه زيادة بيت واحد، أيّ شيء لي عليك؟ قال: خلعتي التي عليّ، فغنّيته:
  فلم يحفظوا الودّ الذي كان بيننا ... ولا حين همّوا بالقطيعة أجملوا(١)
  قال: فنزع خلعته فخلعها عليّ، وأقمت عنده بقيّة يومي على عربدة كانت فيه.
  الشعر لعباس بن الأحنف، والغناء لعبد الرحيم الدّفّاف هزج بالبنصر. وهذا أخذه العبّاس من قول أبي دهبل:
  صوت
  أمنّا أناسا كنت تأتمنينهم ... فزادوا علينا في الحديث وأوهموا
  وقالوا لها ما لم نقل ثمّ أكثروا ... عليّ وباحوا بالذي كنت أكتم
  / وفي هذين البيتين أغانيّ قديمة: منها لحن لابن سريج رمل بالسبّابة في مجرى الوسطى عن إسحاق. ولابن زرزور(٢) الطائفيّ خفيف ثقيل بالوسطى عن عمرو. وفيه خفيف رمل بالبنصر والوسطى لمتيّم وعريب.
  صوت من المائة المختارة
  بكرت سميّة غدوة فتمتّعي ... وغدت غدوّ مفارق لم يربع
  وتعرّضت لك فاستبتك بواضح ... صلت كمنتصّ الغزال الأتلع
  عروضه من الكامل. والشعر للحادرة الثّعلبيّ، والغناء في اللحن المختار لسعيد بن مسجح، وإيقاعه من خفيف الثقيل الأوّل بإطلاق الوتر في مجزى البنصر عن إسحاق، وذكر عمرو بن بانة أنه لابن محرز. وفيهما للغريض ثقيل أوّل بالبنصر عن عمرو وفيهما خفيف رمل بالوسطى لابن سريج عن حبش.
  ومما يغنّى فيه من هذه القصيدة:
  أسميّ ما يدريك كم من فتية ... بادرت(٣) لذّتهم بأدكن مترع
  / بكروا عليّ بسحرة فصبحتهم ... من عاتق كدم الذبيح مشعشع
  غنّاه مالك، ولحنه من الثقيل الأوّل بالبنصر عن عمرو. وفيه لمالك خفيف ثقيل آخر أيضا. وفيهما لعلَّويه ثقيل أوّل صحيح من جيّد صنعته. قوله: فتمتّعي يخاطب نفسه، أي تمتّعي منها قبل فراقها. ولم يربع: لم يقم.
  والواضح الصّلت: / يعني عنقها، وأصل الصلت: الماضي، ومنه الناقة المصلات: الماضية، وشدّ عليه بالسيف
(١) في جميع الأصول «أجمل» بدون ضمير الجماعة والصواب ما أثبتناه.
(٢) هكذا ورد في جميع الأصول، وقد تقدّم في ص ٢٥٩ ج ١ «أغاني» من هذه الطبعة اختلاف النسخ فيه ووروده في بعضها «زرزر» بغير واو.
(٣) بادرت: عاجلت. وفي ب، س، ح: «باكرت».