أخبار ابن مسجح ونسبه
٣٣ - أخبار ابن مسجح ونسبه
  ولاؤه، وهو مغن أسود متقن نقل غناء الفرس:
  سعيد بن مسجح أبو عثمان مولى بني جمح، وقيل: إنه مولى بني نوفل بن الحارث بن عبد المطَّلب. مكيّ أسود، مغنّ متقدّم من فحول المغنّين وأكابرهم، وأوّل من صنع الغناء منهم، ونقل غناء الفرس إلى غناء العرب، ثم رحل إلى الشأم وأخذ ألحان الروم والبربطيّة(١) والأسطو خوسيّة، وانقلب إلى فارس فأخذ بها غناء كثيرا وتعلَّم الضرب، ثم قدم إلى الحجاز وقد أخذ محاسن تلك النّغم، وألقى منها ما استقبحه من النّبرات والنغم التي هي موجودة في نغم غناء الفرس والروم خارجة عن غناء العرب، وغنّى على هذا المذهب، فكان أوّل من أثبت ذلك ولحنّه وتبعه الناس بعد.
  علَّم ابن سريج والغريض الغناء:
  أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان، والحسين بن يحيى قالا: حدّثنا حمّاد بن إسحاق عن أبيه عن هشام بن المرّيّة: أنّ أوّل من غنّى هذا الغناء العربيّ بمكَّة ابن مسجح مولى بني مخزوم، وذلك أنه مرّ بالفرس وهم يبنون المسجد الحرام، / فسمع غناءهم بالفارسيّة فقلبه في شعر عربيّ؛ وهو الذي علَّم ابن سريج والغريض، وكان ابن مسجح مولَّدا أسود يكنى بأبي عيسى.
  احتراق الكعبة في عهد ابن الزبير وبناؤه لها:
  أخبرني محمد بن عبيد اللَّه بن محمد الرازيّ قال حدّثنا أحمد(٢) بن الحارث الخرّاز(٣) عن المدائنيّ، وذكر إسحاق عن المدائنيّ عن أبي بكر الهذليّ قال:
  كان سبب بناء ابن الزّبير الكعبة لما احترقت، أنّ أهل الشأم لما حاصروه سمع أصواتا بالليل فوق الجبل
(١) كذا في الأصول. وقد رأى الأب أنستاس ماري الكرملي أن تكون هذه الكلمة محرفة عن «البزنطية» (بضم الباء الموحدة وفتح الزاي يليها نون ساكنة بعدها طاء مكسورة ثم ياء مثناة مشدّدة وفي الآخر هاء): نسبة إلى بزنطية وهي مدينة القسطنطينية قبل أن تبنى، ويراد بالبزنطية قوم من الروم الشرقيين عرفوا بهذا الاسم منذ عهد قسطنطين الكبير إلى سقوط القسطنطينية بيد الترك.
ثم قال: وأما الأسطوخوسية فيراد بهم قوم آخرون من أسطوخوس أو أسطوخادس، وهي جزيرة في جنوبيّ فرنسا كان أهلها معروفين بالقصف والغناء والأنس، كما هم عليه إلى هذا العهد، وكان سكانها خليطا من الروم واليونانيين والقلطيّين وبقايا الفلسطينيين.
(انظر المجلد الثاني من «مجلة الزهراء» ص ٣٥٨ - ٣٦١).
(٢) في جميع الأصول: «محمد»، وقد تقدّم في مواضع متعدّدة أنّ الذي يروى عن المدائنيّ هو أحمد بن الحارث الخرّاز وهو صاحبه وراويته.
(٣) تقدم فيما كتبناه عن هذا الاسم في (ص ١٧١ ج ٢ حاشية رقم ٢) أنه الخزاز بزايين معجمتين، اعتمادا على وروده كذلك في «فهرست ابن النديم». وقد ذكره الذهبي في «المشتبه في أسماء الرجال» (ص ٩٨) الخراز بالراء المهملة وآخره زاي نسبة إلى خرز الحلود، وكذلك ذكره السمعاني في «الأنساب» (ورقة ١٩١ في الوجه الثاني) وذكر كلاهما أنه راوية المدائني، وذكره شارح «القاموس» في مادة خرز وسماه خطأ أحمد بن خلف.