كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار ابن المولى ونسبه

صفحة 203 - الجزء 3

  / كنت أمدح يزيد بن حاتم من غير أن أعرفه ولا ألقاه، فلما ولَّاه المنصور مصر أخذ على طريق المدينة فلقيته فأنشدته، وقد خرج من مسجد رسول اللَّه إلى أن صار إلى مسجد الشّجرة، فأعطاني رزمتي⁣(⁣١) ثياب وعشرة آلاف دينار فاشتريت بها ضياعا تغلّ⁣(⁣٢) ألف دينار، أقوم في أدناها وأصيح بقيّمي ولا⁣(⁣٣) يسمعني وهو في أقصاها.

  عنفه الحسن بن زيد على ذكر ليلى فقال: إنها قوسه فضحك:

  أخبرني عمّي قال حدّثنا الحزنبل عن عمرو بن أبي عمرو قال: بلغني أنّ الحسن ابن زيد دعا بابن المولى فأغلظ له وقال: أتشبّب بحرم المسلمين وتنشد ذلك في مسجد رسول اللَّه وفي الأسواق والمحافل ظاهرا! فحلف له بالطَّلاق أنّه ما تعرّض لمحرّم قطَّ ولا شبّب بامرأة مسلم ولا معاهد قطَّ، قال: فمن ليلى هذه التي تذكر في شعرك؟ فقال له: امرأتي طالق إن كانت إلَّا قوسي هذه، سمّيتها ليلى لأذكرها في شعري، / فإن الشعر لا يحسن إلَّا بالتشبيب، فضحك الحسن ثم قال: إذا كانت القصة هذه فقل ما شئت.

  كان بالعراق وتشوّق إلى المدينة فقال شعرا في ذلك:

  فقال⁣(⁣٤) الحزنبل: وحدّثت عن ابن عائشة محمد بن يحيى قال: قدم ابن المولى إلى العراق في بعض سنيه⁣(⁣٥) فأخفق وطال مقامه وغرض⁣(⁣٦) به وتشوّق إلى المدينة فقال في ذلك:

  صوت

  ذهب الرجال فلا أحسّ رجالا ... وأرى الإقامة بالعراق ضلالا

  وطربت إذ ذكر المدينة ذاكر ... يوم الخميس فهاج⁣(⁣٧) لي بلبالا⁣(⁣٨)

  / فظللت أنظر في السماء كأنّني ... أبغي بناحية السماء هلالا

  طربا إلى أهل الحجاز وتارة ... أبكي بدمع مسبل⁣(⁣٩) إسبالا

  غنّى في هذه الأربعة الأبيات ابن عائشة. ولحنه ثاني ثقيل عن الهشاميّ. وذكره حمّاد عن أبيه في أخباره ولم يذكر طريقته.

  فيقال قد أضحى يحدّث نفسه ... والعين تذرف في الرّداء سجالا⁣(⁣١٠)


(١) الرزمة من الثياب: ما شدّ في ثوب واحد.

(٢) تغلّ: تعطي من الغلة.

(٣) كذا في جميع النسخ، والمقام هنا للفاء.

(٤) كذا في جميع النسخ والظاهر أن الفاء هنا من زيادات النساخ.

(٥) في أ، ء، م: «سنيته» وكلتا الروايتين صحيحة.

(٦) غرض: ضجر وقلق.

(٧) كذا في ح. وفي سائر الأصول: «وهاج».

(٨) البلبال: شدّة الهم.

(٩) أسبل يستعمل متعديا ولازما.

(١٠) السجال: جمع سجل وهو الدلو العظيمة إذا كان فيها ماء.