كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

3 - ذكر خبر عمر بن أبي ربيعة ونسبه

صفحة 83 - الجزء 1

  يا دار دوّريني ... يا قرقر امسكيني

  / آليت منذ حين ... حقا لتصرميني

  ولا تواصليني ... باللَّه فارحميني ... لم تذكري يميني!

  قال: فلم يزل يدور كما يدور الصّبيان ويدرن معه، حتى خرّ مغشيا عليه ووقعن فوقه ما يعقل ولا يعقلن، فابتدره الخدم [فأقاموه⁣(⁣١)] وأقاموا من كان على ظهره من جواريه، وحملوه وقد جاءت نفسه أو كادت.

  سيرة جوان بن عمر بن أبي ربيعة

  رجع الخبر إلى ذكر عمر بن أبي ربيعة وكان لعمر بن أبي ربيعة بن [صالح⁣(⁣٢)] يقال له «جوان»، وفيه يقول العرجيّ:

  شهيدي جوان على حبّها ... أليس بعدل عليها جوان

  فأخبرني الحرميّ قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال حدّثني يحيى بن محمد بن عبد اللَّه بن ثوبان قال:

  جاء جوان بن عمر بن أبي ربيعة إلى زياد بن عبد اللَّه الحارثيّ وهو إذ ذاك أمير على الحجاز، فشهد عنده بشهادة، فتمثّل:

  شهيدي جوان على حبها ... أليس بعدل عليها جوان

  - وهذا الشعر للعرجيّ - ثم قال: قد أجزنا شهادتك، وقبله. وقال غير الزّبير: إنه جاء إلى العرجيّ فقال له: يا هذا! ما لي وما لك تشهّرني⁣(⁣٣) في شعرك! متى أشهدتني على صاحبتك هذه! ومتى كنت أنا أشهد في مثل هذا! قال: وكان امرأ صالحا.

  / وأخبرني الحرميّ قال حدّثنا الزّبير قال حدّثني بكَّار بن عبد اللَّه قال: استعمل بعض ولاة مكة جوان بن عمر على تبالة⁣(⁣٤)، فحمل على / خثعم في صدقات أموالهم حملا شديدا، فجعلت خثعم سنة جوان تاريخا، فقال ضبارة بن الطَّفيل:

  أتلبسنا ليلى على شعث بنا ... من العام أو يرمى بنا الرّجوان⁣(⁣٥).


(١) زيادة في ت.

(٢) زيادة في ب، س، ح.

(٣) في ب، س، ح: «تشهدني» بالدال.

(٤) تبالة: بلدة مشهورة من أرض تهامة في طريق اليمن. قال المهلَّبيّ: تبالة في الإقليم الثاني عرضها تسع وعشرون درجة أه. بينها وبين مكة اثنان وخمسون فرسخا. وكانت أوّل عمل وليه الحجاج، فسار إليها، فلما قرب منها قال للدليل: أين تبالة؟ وعلى أيّ سمت هي؟ فقال: ما يسترها عنك إلا هذه الأكمة. فقال: لا أراني أميرا على موضع تستره عنّي هذه الأكمة. أهون بها ولاية! وكرّ راجعا. ولذلك قيل في مثل: «أهون من تبالة على الحجاج».

(٥) يقال: لبست قوما، أي تمليت بهم دهرا، ولبست فلانة عمري أي كانت معي شبابي، والبس الناس على قدر أخلاقهم أي عاشرهم.

والرجوان: مثنّى رجا، وهو جانب البئر. وقد أورد الميدانيّ المثل: «حتى متى يرمي بي الرّجوان». ورمي به الرّجوان: استهين به كما يستهان بالدلو يرمي به رجوا البئر.