كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار موسى شهوات ونسبه

صفحة 241 - الجزء 3

  أخذ صوتا من الغريض فأكره عطاء بن أبي رباح على سماعه:

  قال إسحاق: وحدّثت أنّ الأبجر أخذ صوتا من الغريض ليلا ثم دخل في الطواف حين أصبح، فرأى عطاء بن أبي رباح يطوف بالبيت، فقال: يا أبا محمد، اسمع صوتا أخذته في هذه الليلة من الغريض؛ قال له: ويحك! أفي هذا الموضع! فقال: كفرت بربّ هذا البيت لئن لم تسمعه منّي سرّا لأجهرنّ به؛ فقال: هاته، فغنّاه:

  عوجي علينا ربّة الهودج ... إنّك إلَّا تفعلي تحرجي⁣(⁣٢)

  إنّي أتيحت لي يمانية ... إحدى بني الحارث من مذحج

  نلبث حولا كاملا كلَّه ... لا نلتقي إلا على منهج

  في الحجّ إن حجّت وماذا منى ... وأهله إن هي لم تحجج

  فقال له عطاء: الخير الكثير واللَّه في منى وأهله حجّت أو لم تحجّ، فاذهب الآن. وقد مرّت نسبة هذا الصوت وخبره في أخبار العرجيّ والغريض.

  ختن عطاء بنيه فاختلف إليهم ثلاثة أيام يغني لهم:

  قال إسحاق: وذكر عمرو بن الحارث عن عبد اللَّه⁣(⁣٣) بن عبيد بن عمير قال: ختن عطاء بن أبي رباح بنيه أو بني أخيه، فكان الأبجر يختلف إليهم ثلاثة أيام يغنّي لهم.

  نازع ابن عائشة في الغناء فتشاتما:

  قال هارون بن محمد حدّثني حمّاد بن إسحاق قال نسخت من كتاب ابن أبي نجيح⁣(⁣٤) بخطَّه: حدّثني غرير بن طلحة الأرقميّ عن يحيى بن عمران عن عمر بن حفص بن أبي كلاب قال:

  كان الأبجر مولانا وكان مكَّيّا، فكان إذا قدم المدينة نزل علينا، فقال لنا يوما: أسمعوني غناء ابن عائشتيكم هذا، فأرسلنا فيه فجمعنا بينهما في بيت ابن هبّار فتغنّى ابن عائشة، فقال الأبجر: كلّ مملوك لي حرّ إن تغنّيت معك إلَّا بنصف صوتي، ثم أدخل إصبعه في شدقه فتغنّى، فسمع صوته من في السّوق فحشر الناس علينا، فلم يفترقا حتى تشاتما؛ قال: وكان ابن عائشة حديدا⁣(⁣٥) جاهلا.

  غنى الوليد وقد عرف سرّه من خادمه فنشط له:

  أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا ابن مهرويه قال وحدّثني ابن أبي سعد قال حدّثني القطرانيّ المغنّي عن محمد / بن جبر عن إبراهيم بن المهديّ قال حدّثني ابن أشعب عن أبيه قال:


(١) الزيادة عن ح.

(٢) تحرجي: تأثمي.

(٣) في أ، م، ء: «عن عبد اللَّه بن عمر».

(٤) في ح: «ابن أبي نجاح» وقد سموا «نجيحا» (كأمير وزبير) ونجاحا.

(٥) الحديد: الحادّ في الغضب، والجاهل: ضد الحليم.