أخبار موسى شهوات ونسبه
  أن أنس بن زنيم اللَّيثيّ كتب إلى عبد اللَّه بن الزّبير:
  أبلغ أمير المؤمنين رسالة ... من ناصح لك لا يريك خداعا
  بضع(١) الفتاة بألف ألف كامل ... وتبيت قادات الجيوش جياعا
  لو لأبي(٢) حفص أقول مقالتي ... وأبثّ ما أبثثتكم لارتاعا
  / فلما وصلت الأبيات إليه جزع ثم قال: صدق واللَّه، لو لأبي حفص يقول: إنّ مصعبا تزوج امرأتين بألفي ألف درهم لارتاع، إنّا بعثنا مصعبا إلى العراق فأغمد سيفه وسلّ أيره وسنعزله، فدعا بابنه حمزة، وأمّه بنت منظور بن زبّان الفزاريّ وكان لها منه محلّ لطيف، فولَّاه البصرة وعزل مصعبا. فبلغ قوله عبد الملك في أخيه مصعب، فقال:
  لكنّ أبا خبيب أغمد سيفه وأيره وخيره.
  عزل ابن الزبير ابنه حمزة لهوجه وحمقه:
  وأخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قال حدّثنا عمر بن شبة قال: هذه الأبيات لعبد اللَّه بن همّام(٣) السّلوليّ.
  قالوا جميعا: فلما ولي ابنه حمزة البصرة أساء السّيرة وخلَّط تخليطا شديدا، وكان جوادا شجاعا أهوج، فوفدت إلى أبيه الوفود في أمره، وكتب إليه الأحنف بأمره وما ينكره الناس منه وأنه يخشى أن تفسد عليه طاعتهم؛ فعزله عن البصرة.
  أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدّثنا المدائنيّ قال:
  لما قدم حمزة بن عبد اللَّه البصرة واليا عليها، وكان جوادا شجاعا مخلَّطا: يجود أحيانا حتى لا يدع شيئا يملكه إلا وهبه ويمنع أحيانا ما لا يمنع من مثله، فظهرت منه بالبصرة خفّة وضعف. وركب يوما إلى فيض(٤) البصرة، فلما رآه قال: إنّ هذا الغدير إن رفقوا به ليكفينّهم صيفتهم هذه، فلما كان بعد ذلك ركب إليه فوافقه جازرا(٥) فقال: قد رأيته ذات يوم فظننت أن لن يكفيهم؛ فقال له الأحنف: إنّ هذا ماء يأتينا ثم يغيض عنّا ثم يعود. وشخص إلى الأهواز فرأى جبلها، فقال: هذا قعيقعان - وقعيقعان: جبل بمكَّة - فلقّب ذلك الجبل بقعيقعان.
  قال أبو زيد: وحدّثني غير المدائنيّ أنه سمع بذكر الجبل بالبصرة، فدعا بعامله فقال له: ابعث فأتنا بخراج الجبل؛ فقال له: إن الجبل ليس ببلد فآتيك بخراجه. وبعث إلى مردانشاه فاستحثّه بالخراج فأبطأ به، فقام إليه بسيفه فقتله؛ فقال له / الأحنف: ما أحدّ سيفك أيّها الأمير! وهمّ بعبد العزيز بن شبيب(٦) بن خيّاط أن يضربه بالسّياط؛
(١) بضع: نكح.
(٢) دخل على هذا الشطر «الوقص» وهو ما سكن ثانيه المتحرك وذهب رابعه الساكن من «متفاعلن».
(٣) في الأصول: «هشام» وهو تحريف.
(٤) فيض البصرة: نهرها.
(٥) جازرا: من الجزر وهو نقصان مائه، وضدّه «المد» وهو زيادته.
(٦) في «تاريخ الطبري» (طبع مدينة ليدن - القسم الثاني ص ٧٥٢). وفي ابن الأثير ص ٢٥٥ ج ٤ «بعبد العزيز بن بشر». وقد ورد في الطبري في قسم ٢ ص ٨٠٢ هذا الاسم هكذا «عبد العزيز بن بشر بن حياط»، وفي ح: «بن بشير بن حياط» بالحاء المهملة. وفي أ، م، ء: «بن شبيب بن حياط» بالحاء المهملة أيضا.