كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر نسب أبي العتاهية وأخباره

صفحة 320 - الجزء 4

  صوت

  ليس لمن ليست له حيلة ... موجودة خير من الصّبر

  فاخط مع الدهر إذا ما خطا ... واجر مع الدهر كما يجري

  من سابق الدهر كبا كبوة ... لم يستقلها آخر الدهر

  لإبراهيم في هذه الأبيات خفيف ثقيل وثقيل أوّل.

  لما جفاه الفضل وصله ابن الحسن بن سهل:

  قال عبد اللَّه بن الحسن: وسمعت أبا العتاهية يحدّث قال: ما زال الفضل بن الربيع من أميل النّاس إليّ، فلمّا رجع من خراسان بعد موت الرشيد دخلت إليه، فاستنشدني فأنشدته:

  أفنيت عمرك إدبارا وإقبالا ... تبغي البنين وتبغي الأهل والمالا

  الموت هول فكن ما شئت ملتمسا ... من هوله حيلة إن كنت محتالا

  ألم تر الملك الأمسيّ حين مضى ... هل نال حيّ من الدنيا كما نالا

  أفناه من لم يزل يفني القرون فقد ... أضحى وأصبح عنه الملك قد زالا

  كم من ملوك مضى ريب الزمان بهم ... فأصبحوا عبرا فينا وأمثالا

  فاستحسنها وقال: أنت تعرف شغلي، فعد إليّ في وقت فراغي اقعد معك وآنس بك. فلم أزل أراقب أيّامه حتى كان يوم فراغه فصرت إليه؛ فبينما هو مقبل عليّ يستنشدني ويسألني فأحدّثه، إذ أنشدته:

  ولَّى الشباب فما له من حيلة ... وكسا ذؤابتي المشيب حمارا

  أين البرامكة الذين عهدتهم ... بالأمس أعظم أهلها أخطارا

  / فلمّا سمع ذكرى البرامكة تغيّر لونه ورأيت الكراهية في وجهه، فما رأيت منه خيرا بعد ذلك.

  قال: وكان أبو العتاهية يحدّث هذا الحديث ابن الحسن بن سهل؛ فقال له: لئن كان ذلك ضرّك عند الفضل بن الربيع لقد نفعك عندنا؛ فأمر له بعشرة آلاف درهم وعشرة أثواب وأجرى له كلّ شهر ثلاثة آلاف درهم، فلم يزل يقبلها دارّة إلى أن مات.

  عاتب مجاشع بن مسعدة فردّ عليه من شعره:

  قال عبد اللَّه بن الحسن بن سهل: وسمعت عمرو بن مسعدة يقول: قال لي أخي مجاشع: بينما أنا في بيتي إذ جاءتني رقعة من أبي العتاهية فيها:

  /

  خليل لي أكاتمه ... أراني لا ألائمه

  خليل لا تهبّ الرّي ... ح إلَّا هبّ لائمه

  كذا من نال سلطانا ... ومن كثرت دراهمه

  قال: فبعثت إليه فأتاني، فقلت له: أما رعيت حقّا ولا ذماما ولا مودّة! فقال لي: ما قلت سوءا. قلت: فما