كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر نسب أبي العتاهية وأخباره

صفحة 321 - الجزء 4

  حملك على هذا؟ قال: أغيب عنك عشرة أيّام فلا تسأل عنّي ولا تبعث إليّ رسولا! فقلت: يا أبا إسحاق، أنسيت قولك:

  يأبى المعلَّق بالمنى ... إلَّا رواحا وادّلاجا

  ارفق فعمرك عود ذي ... أود رأيت به اعوجاجا

  من عاج من شيء إلى ... شيء أصاب له معاجا

  فقال: حسبك! حسبك! أوسعتني عذرا.

  عاب شعر ابن مناذر لاستعماله الغريب، فخجل:

  أخبرني محمد بن عمران الصّيرفيّ الزّارع قال حدّثنا الحسن بن عليل العنزيّ قال حدّثني محمد بن عمران بن عبد الصّمد الزّارع قال حدّثنا ابن عائشة قال:

  قال أبو العتاهية لابن مناذر⁣(⁣١): شعرك مهجّن لا يلحق بالفحول، وأنت خارج عن طبقة المحدثين. فإن كنت تشّبهت بالعجّاج ورؤبة فما لحقتهما ولا أنت / في طريقهما، وإن كنت تذهب مذهب المحدثين فما صنعت شيئا.

  أخبرني عن قولك:

  ومن عاداك لاقى المرمريسا⁣(⁣٢)

  أخبرني عن المرمريس ما هو؟ قال: فخجل ابن مناذر وما راجعه حرفا. قال: وكان بينهما تناغر⁣(⁣٣).

  عرف عبيد اللَّه بن إسحاق بمكة وسأله أن يجيز شعره:

  نسخت من كتاب هارون بن عليّ بن يحيى قال حدّثني الحسين بن إسماعيل المهديّ قال حدّثني رجاء بن سلمة قال:

  وجد المأمون عليّ في شيء، فاستأذنته في الحجّ فأذن لي، فقدمت البصرة وعبيد اللَّه بن إسحاق بن الفضل الهاشميّ⁣(⁣٤) عليها وإليه أمر الحجّ، فزاملته إلى مكة. فبينا نحن في الطَّواف رأيت أبا العتاهية، فقلت لعبيد اللَّه:

  جعلت فداك! أتحبّ أن ترى أبا العتاهية؟ فقال: واللَّه إنّي لأحبّ أن أراه وأعاشره. قلت: فافرغ من طوافك واخرج، ففعل. فأخذت بيد أبي العتاهية فقلت له: يا أبا إسحاق، هل لك في رجل من أهل البصرة شاعر أديب ظريف؟


(١) في شرح «القاموس» مادة «نذر» ما نصه: و «ابن مناذر بالفتح ممنوع من الصرف ويضم فيصرف. قال الجوهريّ: هو محمد بن مناذر شاعر بصري، فمن فتح الميم منه لم يصرفه ويقول إنه جمع منذر؛ لأنه محمد بن المنذر بن المنذر بن المنذر، ومن ضمه صرفه» اه. وقد ورد في «معجم البلدان» لياقوت (ج ٤ ص ٦٤٤ طبع مدينة ليدن) ما يؤكد أنه بالضم ليس غير؛ قال: «ذكر المبرد أن محمد بن مناذر الشاعر كان إذا قيل ابن مناذر بفتح الميم يغضب ويقول: أمناذر الكبرى أم مناذر الصغرى، وهما كورتان من كور الأهواز، إنما هو مناذر على وزن مفاعل من ناذر يناذر فهو مناذر، مثل ضارب فهو مضارب». وقد ورد في «المشتبه في أسماء الرجال» للذهبيّ (ص ٤٥٧ طبع مدينة ليدن) بالضم أيضا.

(٢) المرمريس: الداهية.

(٣) التناعر: التناكر. وفي ح: «تباعد».

(٤) كذا في ح، ء. وفي سائر النسخ: «الهاشمي» وهو تحريف.