كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار حسان بن ثابت ونسبه

صفحة 354 - الجزء 4

  / اتّفقت العرب على أنّ أشعر أهل المدر أهل يثرب، ثم عبد القيس ثم ثقيف؛ وعلى أنّ أشعر أهل يثرب حسّان بن ثابت.

  سأل أبا هريرة عن حديث في شأنه فأجابه:

  أخبرني حبيب بن نصر المهلَّبيّ وأحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قالا حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثنا عفّان / قال حدّثنا عبد الواحد بن زياد قال حدّثنا معمر عن الزّهريّ عن سعيد بن المسيّب قال.

  جاء حسّان إلى نفر فيهم أبو هريرة، فقال: أنشدك اللَّه: أسمعت رسول اللَّه يقول: «أجب عنّي» ثم قال:

  «اللَّهمّ أيّده بروح القدس»؟ قال أبو هريرة: اللَّهمّ نعم.

  كان أحد الأنصار الثلاثة الذين عارضوا شعراء قريش:

  أخبرني حبيب بن نصر وأحمد بن عبد العزيز قالا حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثنا وهب بن جرير قال حدّثنا أبي قال سمعت محمد بن سيرين، قال أبو زيد وحدّثنا هوذة بن خليفة قال حدّثنا عوف عن محمد بن سيرين قال:

  كان يهجو رسول اللَّه ثلاثة⁣(⁣١) رهط من قريش: عبد اللَّه بن الزّبعري، وأبو سفّيان بن الحارث بن عبد المطَّلب، وعمرو بن العاصي؛ فقال قائل لعليّ بن أبي طالب رضوان اللَّه عليه: اهج عنّا القوم الذين قد هجونا.

  فقال عليّ ¥: إن أذن لي رسول اللَّه فعلت. فقال رجل: يا رسول اللَّه، ائذن لعليّ كي يهجو عنّا هؤلاء القوم الذين قد هجونا. قال: «ليس هناك» أو «ليس عنده ذلك»؛ ثم قال للأنصار: «ما يمنع القوم الذين نصروا رسول اللَّه بسلاحهم أن ينصروه بألسنتهم؟». فقال حسّان بن ثابت: أنا لها، وأخذ بطرف لسانه وقال:

  واللَّه ما يسرّني به مقول⁣(⁣٢) بين بصرى وصنعاء. فقال: «كيف / تهجوهم وأنا منهم»؟ فقال: إنّي أسلَّك منهم كما تسلّ الشّعرة من العجين. قال: فكان يهجوهم ثلاثة من الأنصار: حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد اللَّه بن رواحة. فكان حسّان وكعب يعارضانهم بمثل قولهم بالوقائع والأيّام والمآثر ويعيّرانهم بالمثالب، وكان عبد اللَّه بن رواحة يعيّرهم بالكفر. قال: فكان في ذلك الزمان أشد القول عليهم قول حسان وكعب، وأهون القول عليهم قول ابن رواحة. فلمّا أسلموا وفقهوا الإسلام، كان أشدّ القول عليهم قول ابن رواحة.

  استأذن النبيّ في هجو قريش فأمره أن يأخذ أنسابهم عن أبي بكر:

  أخبرنا أحمد بن عبد العزيز وحبيب بن نصر المهلَّبيّ قالا حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثنا عبد اللَّه بن بكر بن حبيب السّهميّ قال حدّثنا أبو يونس القشيريّ وهو حاتم⁣(⁣٣) بن أبي صغيرة قال حدّثنا سماك بن حرب قال:

  قام حسّان أبو الحسام فقال: يا رسول اللَّه، ائذن لي فيه، وأخرج لسانا له أسود، فقال: يا رسول اللَّه، لو شئت لفريت به المزاد⁣(⁣٤)، ائذن لي فيه. فقال: «اذهب إلى أبي بكر فليحدّثك حديث القوم وأيّامهم وأحسابهم ثم


(١). زاد في «أسد الغابة» رابعا هو ضرار بن الخطاب.

(٢). المقول: «اللسان».

(٣). كذا في «طبقات ابن سعد» (ج ٧ قسم ٢ ص ٣١ طبع أوروبا) و «تهذيب التهذيب» (ج ٢ ص ١٣٠ طبع الهند) و «الخلاصة» طبع مصر؛ وهو مولى بني قشير، واسم أبيه مسلم، وأبو صغيرة أبو أمه، وهو يروي عن عمرو بن دينار وسماك بن حرب. (انظر «الأنساب» للسمعاني). وقد ورد هذا الاسم مضطربا في جميع الأصول.

(٤). المزاد: جمع مزادة، وهي التي يحمل فيها الماء، وهي ما فئم بجلد ثالث بين الجلدين ليتسع؛ سميت بذلك لمكان الزيادة.